وانتشارها في الكون لا يدلّ أبدا على تحرّرها من إرادة الله ، وخروجها عن المنهج الذي عيّنه الله لها ، أو السنن التي تحكم الخليقة ، فمتى ما شاء ربّنا جمعهم في صفّ واحد للحساب.
[٣٠] ويؤكّد على الصلة بين سعي الإنسان وواقعه مرّتين ، مرّة عن طريق العوامل الماديّة الظاهرة التي تربط بين السعي والنتيجة ، فهو إذا سعى وناضل وصل إلى أهدافه ، فالصحة بعد المرض والغنى بعد الفقر ، والأمن بعد الخوف ، كلّ ذلك رهين سعيه في السبيل القويم الذي جعله الله ..
وهذا ما يؤكّده القرآن في آيات عديدة كقوله تعالى : (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) (١) وقوله : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) (٢)
ومرة عبر العوامل الغيبية غير الظاهرة ، حيث يؤكّد الإسلام أنّ أيّ عمل يقوم به الإنسان ينعكس على واقعه شاء أم أبى ، وليس بالضرورة أن يكتشف البشر كيفية ذلك ، بل كثيرا ما تكون العلاقة بين العمل والعاقبة غير معروفة ومثيرة للتساؤلات ، فما هي العلاقة بين صلة الرحم وطول العمر ، وبين انتشار الزنا وانتشار موت الفجأة ، وبين انحراف قوم لوط والصاعقة التي دمّرتهم ، وبين يقظة الإنسان بين الطلوعين وبين سعة رزقه ، وبين قيام الليل وطول العمر ، وبين الصدقة ودفع البلاء ، وبين الزكاة والنماء الاقتصادي ، وبين الصدق والأمانة وبين العزّة في المجتمع؟
كلّ هذه العلاقات قد تبقى مجهولة لدى الإنسان ، ولكنّها حقائق واقعة في
__________________
(١) النجم / (٣٩) .
(٢) الزلزلة / (٧ ـ ٨) .