وبما أنّ الخليقة تفيض بآيات الله فإنّ الكفّار يسعون جاهدين التخلص من آثارها على نفوسهم ، فتراهم يلحدون فيها ، ويحرّفونها عن مواضعها ، ويبحثون لأنفسهم عن تبريرات لكي لا يؤمنوا بها ، ولكن هل تنطلي تبريراتهم وخدعهم على ربّهم؟ كيف وهو الذي خلقهم وأحاط بهم علما؟
إنّهم سوف يلقون في نار جهنّم يوم القيامة ، لقد فرّوا من مسئوليات الإيمان الى ظلّ الإلحاد (التبرير) زاعمين أنّه ينجيهم من العقاب ، بينما النجاة كانت في التسليم لآيات الله ، وتقبّل مسئولياتهم.
(إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا)
جاءت هذه الآية بعد ذكر الآيات ، لأنّ كثرة الآيات لا تنفع من يتهرّب من التأثّر بها ، وقال فريق من المفسّرين : إنّ معنى الإلحاد هو ما كانوا يفعلونه من المكاء والتصدية ، وكأنّهم نظروا الى ظاهر كلمة الإلحاد الذي يدلّ على الفعل المتعدّي الى الغير ، ويعني حرف الآخرين عن الإيمان كمن يحرّف آيات الله ، وقالوا : إنّ الآية نزلت في أبي جهل ، بينما ذهب مفسّرون آخرون أنّ المعنى : الذين يميلون عن آياتنا ، ويبدو هذا المعنى أقرب الى السياق.
(لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا)
بالرغم من أنّ الملحد يتشبّث بالتمحّلات البعيدة ، ويحاول إخفاء رفضه للآيات بابتداع نظريّات وفلسفات وأفكار باطلة وتخرّصات واهية ، إلا أنّ كلّ ذلك قد يخدع الناس ، وقد يخدعهم أنفسهم ، ولكنّه لا يخفى على الله ، لأنّ الله محيط علما بنيّاتهم الخبيثة ، ويجازيهم عليها بالنار.
(أَفَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ)