تكبرا وغرورا ، ولم يكن قارون من النوع الاول ، فبادر المؤمنون لنصيحته :
(إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ)
والفرح في هذه الآية بمعنى الغرور ، وهو انعدام الهدف ، وإحساس الإنسان بحالة الإشباع (انعدام المسؤولية) وكثير هم الذي يصابون بهذا الداء بسبب الجاه والثروة ، قال تعالى : «كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى» (٦)
(إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ)
لأنهم ينسون الله فينساهم ، بل كثير ما يجرّهم الفرح لمبارزة الله.
[٧٧] الدنيا سلاح ذو حدين فإمّا تؤدي بصاحبها الى النار وذلك حين يتصورها هدفا بذاتها ، وأما ان تؤدي به الى الجنة وذلك حينما يتّخذها مطية لعمل الصالحات ، فالغنى يصير فضيلة إذا استخدمه صاحبه في سبيل الله.
هكذا يقول الامام أمير المؤمنين عن الدنيا :
«من أبصر بها بصّرته ، ومن أبصر إليها أعمته» (٧)
(وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ)
بإخراج حق الله وحق المحتاجين ، وصرف المال في عمل الصالحات كبناء المساجد ، ومساعدة الحركات الاسلامية ، والإسلام لا يطالب الإنسان بإعطاء كل ماله في سبيل الله ثم يجلس خالي اليد ، بل يطالبه بالاعتدال في الإنفاق بقوله
__________________
(٦) العلق / (٦ ـ ٧).
(٧) عن نهج البلاغة الخطبة رقم (٨٢).