تعالى في سورة الفرقان : (وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً) (٨)
(وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا)
وهذه الآية دليل على هذا التفسير ، وعلى خطأ النظرة القائلة بفصل الدين عن الدنيا. إذ بإمكان الإنسان ان يبني مسجدا الى جانب بيت فخم. الا ان للإمام علي (ع) تفسيرا آخر للآية ينسجم ـ مع سياق الآيات ـ ونفسيّة شحيحة ، كما كانت عند قارون أمثولة الترف والفساد ، يقول الامام (ع):
«لا تنس صحتك ، وقدرتك ، وفراغك ، وشبابك ، ونشاطك ان تطلب بها الآخرة» (٩)
ذلك ان ما يبقى من الدنيا ليس سوى ما يبعثه الإنسان الى الآخرة.
ثم أكد السياق ضرورة الإحسان إلى النّاس ، والإحسان هو بذل المزيد من الأموال مضافة الى الحقوق المالية المفروضة ، ولا ريب ان الثروة المكدّسة لا تهنئ لصاحبها من دون الإحسان ، وان لذّة روح الإنسان من الإحسان أعظم بكثير من لذّة بدنه بالترف ، كما أن الإحسان يمتص نقمة المحرومين على صاحب الثروة ، ويحولها الى ذكر حسن ، وثواب عند الله عظيم ، بينما الشح يودي الى الفساد والاستكبار في الأرض.
(وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللهَ
__________________
(٨) الفرقان / (٦٧).
(٩) تفسير نمونه ج (١٦) ص (١٥٦).