١ ـ انه في المرة الاولى قتل القبطي ، ثم بيّن له الخطأ : «فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ قالَ هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ» أما في المرة الثانية ، فانه تكلم ضد الإسرائيلي أولا : «قالَ لَهُ مُوسى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ» ثم توجه للبطش بالقبطي : «فَلَمَّا أَنْ أَرادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُما ...» ولعل ذلك ل يبين لنا القرآن حقيقة طالما أكد عليها أئمة الهدى في أحاديثهم وهي : ان الاسرائيلي في المرة الثانية حيث خالف أمن الحركة كان أحق باللوم والتأديب ، فموسى بدأ بالقبطي تلك المرة لأن تأديبه هو الأهم ، بينما بدأ بالاسرائيلي هذه المرة لأن ردعه عن تصرفاته الخاطئة هذه أهم بالنسبة للحركة الرسالية من قتل القبطي. بل ان بعض الروايات قالت : ان موسى أراد ان يبطش بالإسرائيلي لا بالقبطي ، قال الامام الرضا (ع) في تفسير الآية :
«فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ» على آخر «قالَ لَهُ مُوسى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ» قاتلت رجلا بالأمس وتقاتل هذا اليوم لأؤدبنك وأراد ان يبطش به «فَلَمَّا أَنْ أَرادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُما» وهو من شيعته «قالَ يا مُوسى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي) .. الآية» (٦)
٢ ـ في المرة الاولى قال القرآن عن لسان موسى وهو يخاطب الاسرائيلي لدخوله في الصراع مع القبطي : «قالَ هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ» وقد نسب العداوة والضلال المبين للشيطان ، بينما قال في المرة الثانية : «قالَ لَهُ مُوسى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ» ناسبا الغواية الواضحة والمتعمدة للإسرائيلي ، وبالمقارنة نصل الى هذه النتيجة : ان الاسرائيلي وقع في حبائل الشيطان ، وصار عدوا لموسى من حيث لا يشعر ، وهكذا كل من يخالف أوامر قيادته الرسالية ، لتصوراته ومواقفه الشخصية.
__________________
(٦) نور ج (٤) / ص (١١٩).