الغيبي من الله ، قال تعالى : (وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ) (٣) والملاحظ أنّ القرآن قدّم نصر الله على عون المؤمنين ، لأنّ الاوّل هو الأهم.
ونحن حين نبدأ بأيّ عمل ترانا نستعين ببسم الله الرحمن الرحيم ، وسليمان بدوره استعان بقدرة الله وقوته ـ حين أرسل كتابه الى بلقيس ـ إذ قال : «إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» ليبين لها أنّ سلطانه ليس ماديا ، وهكذا نجد نوحا يخاطب أصحابه قائلا : «ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللهِ مَجْراها وَمُرْساها» (٤) لأنّ كل شيء لا يتم إلّا باسم الله ، ولو لا اسم الله لم يستطع آصف بن برخيا إحضار عرش بلقيس في لحظة من اليمن الى أرض فلسطين.
(فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قالَ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ)
فلما رأى سليمان عرش بلقيس أمامه ، قال : إنّ إحضار العرش لم يتم بقوّة ماديّة أو أرضيّة ، ثم إنّ نعم الله على المرء ليست دليلا على سلامة النية بل إنّها ابتلاء ، فسلامة الجسم والغنى والأمان كلّها نعم للابتلاء ، واختبار الإرادة ، والفتنة ، فلا ينبغي للمرء أن يغترّ بها ، إنما يجب أن يؤدّي حقّها بشكرها.
(وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ)
ومن شكر نعم الله ، فإنّ فائدة الشكر تعود عليه.
(وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ)
__________________
(٣) الأنفال / (٦٢).
(٤) هود / (٤١).