سليمان يريد إهلاكها غرقا ، لكنها قررت اقتحام اللجّة ، فكشفت عن ساقيها تهيؤا للعبور ، وإذا بها تصطكان بجسر الزجاج ، الأمر الذي جعلها تنتبه الى أنها لا تملك علما بكل شيء ، وأنّ كبرياءها خادع ومزيّف ، وأنّها من الناحية العقائدية على خطأ ، فأسلمت مع سليمان لله رب العالمين.
بينات من الآيات :
[٣٥] (وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَناظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ)
قالت : انني سأرسل الى سليمان وحاشيته بهدية ، وانتظر ردّ الموفدين.
[٣٦] (فَلَمَّا جاءَ سُلَيْمانَ قالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمالٍ فَما آتانِيَ اللهُ خَيْرٌ مِمَّا آتاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ)
وعند ما وصل المرسلون الى سليمان وقدموا هداياهم لم يأبه بها ، وقال لهم : إنّكم تريدون ان تغروني بالمال ، وأنا لست بحاجة إليه ، فالله منحني من الملك والمال ما هو خير من هديتكم التي لا قيمة لها. إنّ المال لا يفرحني ولا يسرّني ، ولكنّكم أنتم الذين تفرحون بالمال ، لأنكم عبيد الدنيا ، ومتاع الدنيا لا قيمة له عندي ، وإنما يفرح بالمال من اتخذه هدفا وغاية ومعبودا.
بلى. إنّه لم يغترّ بزخارف زينة الحياة الدنيا ، وفدى نفسه من أسرها ، ولهذا فقد استصغر إغراءات الملكة وتابعيها لسببين :
١ ـ فما يملكه أفضل من هدايا بلقيس بكثير ، إذ أعطي ملكا لا ينبغي لأحد من بعده ، ولم يبلغه أحد قبله.
٢ ـ ولأنّه لم يكن يبحث عن الملك ، بل كان يسعى لنشر الرسالة والوعي ،