الوجهين الآتيين فيه إن شاء الله تعالى ، فإمّا أن يحمل الاستثناء على الانقطاع لخروج الملفّقة عن الامتدادية أو يراد بمسيرة اليوم في صدر الحديث ما يتناول القسمين رعايةً للاتصال ، وعلى التقديرين فالحديث خارج عن القسم الأوّل ولذا تركنا إيراده فيه.
ومنها : وجوب القصر والإفطار في كلّ سفر يبلغ مسيرة يوم عدا ما استثني من الصوَر الثلاث. ويتضمّن ذلك الإشارة إلى أكثر الشرائط كالمسافة والقصد وإباحة السفر وكونه مسير حقّ وعدم انقطاعه بقاطع على أن تكون المذكورات أمثلة السفر المعصية والمسير الباطل ووجود القاطع. ويبقى اشتراط عدم الكثرة والخروج عن حدّ الترخّص واستثناء المواطن الأربعة فتعرف بالأدلّة المنفصلة.
وظاهر استثناء الصوَر الثلاث من غير تقييد عدم الترخّص في شئ منها على كلّ حال ، ويجب تقييد التشييع بما إذا كان لغير تقية أو نحوها من المقاصد الصحيحة إن عدّ ذلك تشييعاً على الحقيقة ، والخروج إلى الصيد بما كان لهواً لا لحاجة إليه في قوته أو قوت عياله أو للتجارة على الأصحّ ، والخروج إلى القرية بما إذا استوطنها وسكن فيها القدر المعتبر على الأظهر من عدم الاكتفاء بمطلق الملك في قطع السفر. وما في «التهذيب» في استثناء المشيّع بلا تقييد بالسلطان الجائر فلعلّ الوجه فيه انتفاء قصد المسافة ، وتقرّب ذلك في التصيّد ، فيراعى في استثنائها عدم وجود هذا الشرط دون الإباحة ونحوها.
ومنها : وهو المقصود ، اشتراط الرجوع لليوم. والتقريب فيه من قوله (عليه السلام) «أو إلى قرية له مسيرة يوم يبيت إلى أهله» (١) على أظهر الوجهين فيه من كونه مفروضاً في السير الملفّق حتّى يكون مسيرة اليوم موزّعة على مجموع الذهاب والعود دون الذهاب وحده ، وهو الوجه الآخر ، ويوهمه ظاهر توصيف القرية بكونها مسيرة يوم ، وكذا استثناء الخروج إليها من الحكم المتقدّم الظاهر في المسافة
__________________
(١) تقدّم في ص ٣٩٨.