صلّيتها في يومك ذلك بالتقصير بتمام من قبل أن تريم من مكانك ذلك ، لأنّك لم تبلغ الموضع الّذي يجوز فيه التقصير حتّى رجعت ، فوجب عليك قضاء ما قصّرت وعليك إذا رجعت أن تتمّ الصلاة حتّى تصير إلى منزلك (١).
وفي الرواية دلالة على فورية القضاء ووجوب قضاء المسافر ما صلاّه قصراً إذا رجع عن نيّة السفر وإن خرج الوقت واعتبار المنزل في الرجوع دون حدّ الترخّص ، والكلّ خلاف المختار ، ويمكن توجيهها بالحمل على الندب وارتكاب التوسّع في المنزل كما مرّ نظيره في أحاديث هذا النوع.
وظاهرها عدم اشتراط الرجوع ليومه في البريد ، لأنّ الرجوع في قول السائل «ثمّ بدا لي في الليل الرجوع إلى الكوفة» لا تقييد فيه باليوم بناءاً على ما هو الظاهر من تعلّق الظرف وهو قوله «في الليل» بالفعل المتقدّم عليه وهو «بدا» دون الرجوع المتأخّر عنه ، فإنّه يقتضي تحقّق العدول عن الإرادة الأُولى في الليل وحصول الإرادة الثانية فيه ، فأمّا الرجوع فيحتمل وقوعه فيه وفي غيره ، وقد ترك الاستفصال عن ذلك في الجواب ، فيدلّ على وجوب القصر وإن أخّر الرجوع فلا يكون ليومه شرطاً وإن فسّر اليوم بمجموع اليوم والليلة. ولو أُريد به بياض النهار أو مقدار اليوم والليلة دلّ الحديث على ذلك ، وإن علّق الظرف بالرجوع ، فالحديث من جملة أحاديث هذا النوع وإن لم يكن بمثابة أخبار عرفات في وضوح الدلالة على عدم اشتراط الرجوع ليومه ، فإنّ إرادة الرجوع في الليل تقرب الرجوع ليلا مع احتمال تعلّق الظرف بالرجوع المقتضي لذلك ، فلا ينافي اشتراط الرجوع ليومه إذا كان المراد به مجموع اليوم والليلة ، بل قد يستفاد ذلك من الحديث بتدقيق النظر ، فإنّه (عليه السلام) قد اشترط في التقصير حال الرجوع أن يكون قد سار في يومه الّذي قد خرج فيه بريداً وأوجب الإتمام إذا كان مسيره في يومه ذلك دون البريد ، واشتراط وقوع الذهاب في اليوم يستلزم اشتراط الرجوع فيه ، لأنّ اعتبار اليوم
__________________
(١) تهذيب الأحكام : ب ٢٨ من أبواب صلاة السفينة ح ٩٠٩ ج ٣ ص ٢٩٨.