اختصاصه بمنى حال الرجوع كما يدلّ عليه مفهوم قوله (عليه السلام) «حتّى ينفر» وإطلاق قوله «فإذا خرج إلى منى وجب عليه التقصير».
الثاني : الإتمام بمكّة ومنى لاختصاصهما بالتخيير من بين مواضع الحرم. ويدلّ عليه ما رواه الشيخ في الصحيح عن عليّ بن مهزيار قال : كتبت إلى أبي جعفر الثاني (عليه السلام) أنّ الرواية قد اختلفت عن آبائك في الإتمام والتقصير للصلاة في الحرمين ، فمنها أن يأمر بتتميم الصلاة ولو صلاة واحدة ، ومنها أن يأمر بتقصير الصلاة ما لم ينو مقام عشرة أيّام ، ولم أزل على الإتمام فيهما إلى أن صدرنا في حجّنا من عامنا هذا فإنّ فقهاء أصحابنا أشاروا عليَّ بالتقصير إذا كنت لا أنوي مقام عشرة أيّام ، فصرت إلى التقصير ، وقد ضقت بذلك حتّى أعرف رأيك؟ فكتب إليَّ بخطّه : قد علمت يرحمك الله فضل الصلاة في الحرمين على غيرهما فأنا أحبّ لك إذا دخلتهما أن لا تقصّر وتكثر فيهما الصلاة. فقلت له بعد ذلك بسنتين مشافهةً : إنّي كتبت إليك بكذا وأجبتني بكذا؟ فقال : نعم. فقلت : وأيّ شئ تعني بالحرمين؟ فقال : مكّة والمدينة ومنى ، إذا توجّهت من منى فقصّر الصلاة ، فإذا انصرفت من عرفات إلى منى وزرت البيت ورجعت إلى منى فأتمّ الصلاة تلك الأيّام الثلاثة ، وقال بإصبعه ثلاثاً (١). وهذا الحديث مع صحّته صريح في أنّ المسافر يتمّ الصلاة بمنى كما يتمّها بمكّة ، وظاهره اختصاص الإتمام بهما من بين مواضع الحرم كما قلنا.
ومنى في قوله (عليه السلام) بمكّة والمدينة ومنى» بالنون للمكان المعروف لا بالتاء للزمان كما يوجد في بعض النسخ وإلاّ لتوالي الشرطان ولم يلائم صدر الحديث آخره ، وعلى الأوّل فالدلالة في الحديث من وجهين بخلاف الثاني فإنّها من وجه واحد وهو قوله «إذا توجّهت من منى ... إلى آخر الحديث».
ويتوجّه عليه أنّ الكليني (رحمه الله) روى هذا الحديث إلى قوله «مكّة والمدينة» (٢)
__________________
(١) تهذيب الأحكام : ب ٢٦ في الزيادات ح ١٤٨٧ ج ٥ ص ٤٢٨.
(٢) الكافي : ح ٨ ج ٤ ص ٥٢٥.