تكن داخلة فيها بناءاً على أنّ المراد بها خصوص الذهابية كما سبق بيانه في مدلول القسم الأوّل ، وهذا هو المتّجه.
ويدلّ عليه مضافاً إلى ما تقدّم أنّه لو أُريد بالثمانية ما يشمل الثمانية الملفّقة فإمّا أن يراد ما يعمّ جميع أقسام التلفيق وهو باطل ، أو خصوص التلفيق من بريدي الذهاب والرجوع دون غيره من الصوَر وهو تكلّف شديد ، فإنّ إطلاق الثمانية على الأعمّ من الذهابية وخصوص هذا القسم من الملفّقة في غاية البُعد من إطلاق اللفظ ، فالوجه حملها على الذهابية كما هو الظاهر ، وإن وجب القصر في هذا النوع لمقتضى الأدلّة الدالّة على مساواته لها في الحكم. ويشهد له أيضاً ظاهر قول الرضا (عليه السلام) في حسنة الفضل بن شاذان (١) «لأنّ ما يقصّر فيه الصلاة بريدان ذاهباً أو بريد ذاهباً وبريد جائياً» وقول الفقيه العسكري (عليه السلام) في حسنة المروزي (٢) «التقصير في الصلاة بريدان أو بريد ذاهباً وجائياً».
وعلى هذا فالموجب للقصر أحد الأمرين : من بريدي الذهاب وبريد الذهاب مع الإياب على سبيل منع الخلوّ.
وليس المراد بالبريد والبريدين خصوص الأربعة والثمانية من دون زيادة بل مطلق العددين بلا اشتراط الزيادة ولا عدمها ، لأنّ التحديد للأقلّ وهو ينفي الناقص لا الزائد. فالثمانية الملفّقة هي مطلق الثمانية الحاصلة من تلفيق أربعة الذهاب وما فوقها مع أربعة الرجوع كذلك كما أنّ الثمانية الذهابية هي مطلق الثمانية المتحقّقة في الثمانية وما فوقها من الأعداد بالغ ما بلغ. فالسببان مجتمعان في قاصد الثمانية فصاعداً مع العود ويفترقان في مريد الثمانية كذلك بدون العود وفي مريد الأربعة ممّا فوقها ما لم يبلغ الثمانية مع العود.
ولو خصّ العود في هذه الأخبار بالعود في يوم الذهاب لاختصّ التلفيق بما أمكن فيه العود ليومه فلا يعمّ ما فوق الثمانية ولا بعض المراتب النازلة عنها
__________________
(١) تقدّم في ص ٥٠٩ هامش ٤.
(٢) تقدّم في ص ٥٠٩ هامش ٥.