الإمامية في كتابه المذكور عن أبي جعفر محمّد بن عليّ (عليهما السلام) قال : يقصّر الصلاة في بريدين ذاهباً وراجعاً (١). قال القاضي : يعني إذا كان خارجاً إلى سفر مسيرة بريد وهو يريد الرجوع قصّر وإن كان يريد الإقامة لم يقصّر حتّى تكون المسافة بريدين.
وما رواه البرقي في «المحاسن (٢)» والصدوق في «العلل (٣)» بإسناده عنه عن إسحاق بن عمّار قال : سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن قوم خرجوا إلى سفر ، فلما انتهوا إلى الموضع الّذي يجب فيه التقصير قصّروا من الصلاة فلمّا صاروا على فرسخين أو ثلاثة فراسخ أو أربعة فراسخ تخلّف عنهم رجل لا يستقيم لهم سفرهم إلاّ به ، فأقاموا ينتظرون مجيئه إليهم وهم لا يستقيم لهم السفر إلاّ بمجيئه إليهم وأقاموا على ذلك أيّاماً لا يدرون هل يمضون في سفرهم أو ينصرفون ، هل ينبغي لهم أن يتمّوا الصلاة أو يقيموا على تقصيرهم؟ قال : إن كان بلغوا مسيرة أربعة فراسخ فليقيموا على تقصيرهم أقاموا أو انصرفوا ، وإن كانوا ساروا أقلّ من أربعة فراسخ فليتمّوا الصلاة ما أقاموا ، فإذا مضوا فليقصّروا. ثمّ قال : هل تدري كيف صار هكذا؟ قلت : لا. قال : لأنّ التقصير في بريدين ، ولا يكون التقصير في أقلّ من ذلك ، فلمّا كانوا ساروا بريداً وأرادوا أن ينصرفوا كانوا قد ساروا سفر التقصير ، وإن كانوا قد ساروا أقلّ من ذلك لم يكن لهم إلاّ إتمام الصلاة. قلت : أليس قد بلغوا الموضع الّذي لا يسمعون فيه أذان مصرهم الّذي خرجوا منه؟ قال : بلى إنّما قصّروا في ذلك الموضع لأنّهم لم يشكّوا في مسيرهم وأنّ السير سيجد بهم من السفر فلمّا جاءت العلّة في مقامهم دون البريد صاروا هكذا.
وروى ذلك الكليني في «الكافي (٤)» بإسناده إلى البرقي إلى قوله «فإذا مضوا فليقصّروا» وأسقط تمام الحديث ، وهو موضع الدلالة على اشتراط الرجوع ، حيث
__________________
(١) دعائم الإسلام : في صلاة المسافر ج ١ ص ١٩٦.
(٢) المحاسن : كتاب العلل ح ٢٩ ص ٣١٢.
(٣) علل الشرائع : ب ٨٩ نوادر علل الصلاة ح ١ ص ٣٦٧.
(٤) الكافي : في حدّ المسير الّذي تُقصّر فيه الصلاة ح ٥ ج ٣ ص ٤٣٣.