ظاهر إلاّ أن يدّعى تبادر الإسراع في الرجوع من أُسلوب الكلام فيتمّ بضميمة الإجماع ، وتوجّه المنع إليه ظاهر.
وما رواه الصدوق في «العيون (١) والعلل (٢)» في الحسن عن الفضل بن شاذان عن الرضا (عليه السلام) قال : فإن قال : فلم وجبت الجمعة على مَن يكون على فرسخين لا أكثر من ذلك؟ قيل : لأنّ ما يقصّر فيه الصلاة بريدان ذاهباً أو بريد ذاهباً وبريد جائياً والبريد أربعة فراسخ ، فوجبت الجمعة على مَن هو على نصف البريد الّذي يجب فيه التقصير ، وذلك لأنّه يجيء فرسخين ويذهب فرسخين وهو نصف طريق المسافر. وهذا نصّ صريح في اشتراط الرجوع وإرادة التلفيق ، فإنّ المعادل لبريدي الذهاب هو مجموع بريدي الذهاب والإياب لا كلّ منهما ، إذ لو حصلت المسافة بأحدهما لم يكن للزائد تأثير في وجوب التقصير وهو خلاف ما دلّ عليه النصّ. وأمّا دلالته على عدم اشتراط الرجوع ليومه فلإطلاق المجيء وغلبة الرجوع لغير اليوم ، واقتران المسافة الملفّقة في الحديث بالمسافة الامتدادية الّتي لا يشترط قطعها في يوم واحد إجماعاً ، ولدلالة ظاهر التعليل فإنّ الأربعة الملفّقة الّتي جعلت نصف طريق المسافر لا يجب قطعها في يوم فكذا الثمانية الملفّقة الّتي هي مسافة القصر ، لأنّ إطلاق المعلول يستلزم إطلاق علّته وإلاّ لكان تعليلا بالأخصّ.
وما رواه الشيخ عن سليمان بن حفص المروزي في الحسن به قال : قال الفقيه (عليه السلام) : التقصير في الصلاة بريدان أو بريد ذاهباً وبريد جائياً ، والبريد ستّة أميال وهو فرسخان ، فالتقصير في أربعة فراسخ ، فإذا خرج الرجل من منزله يريد اثني عشر ميلا وذلك أربعة فراسخ ثمّ بلغ فرسخين وبنيّته الرجوع أو فرسخين
__________________
ص ٣٨٣ س ٢٧.
(١) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) : باب ٣٤ في علّة قصر الصلاة في السفر ح ١ ج ٢ ص ١١٢.
(٢) علل الشرائع : ب ١٨٢ علل الشرائع ضمن ح ٩ ص ٢٦٦.