كانت قريش تنحر عندهما ، فجاء بالمعول ، وقام ليحفر حيث أمر ، فقالت قريش حين رأوه وحده (١) : والله لا ندعك تحفر بين وثنينا اللذين ننحر عندهما.
فقال لابنه الحارث : دعني (٢) حتى أحفر ، فو الله لامضين لما أمرت. فلما عرفوا انه غير نازع خلّوا بينه وبين الحفر وكفّوا عنه ، فلم يحفر إلا يسيرا حتى بدا له الطيّ ، فكبّر ، وعرف ان قد صدق (٣).
فلما فرغ وبلغ ما أراد ، أقام سقاية زمزم للحاج ، وعفت على الآبار التي كانت قبلها يستقي عليها الحاج ، وانصرف الناس إليها لمكانها من المسجد الحرام ولفضلها على ما سواها من المياه ، ولأنها بئر اسماعيل بن ابراهيم ـ عليهما الصلاة والسلام ـ ففخرت بها يومئذ بنو عبد مناف على قريش لما ولوا عليهم من السقاية والرّفادة ، وما أقاموا عليه للناس من ذلك ، وبزمزم حين ظهرت ، وإنما كانوا بني عبد مناف أهل بيت واحد شرف بعضهم لبعض شرف ، وفضل بعضهم لبعض فضل (٤).
ولما انتشرت قريش وكثر ساكن مكة قبل حفر عبد المطلب زمزم قلّت على الناس المياه ، واشتدت عليهم فيه المؤنة.
١٠٦٦ ـ حدّثنا عبد الملك بن محمد ، عن زياد بن عبد الله ، عن ابن اسحاق ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن مرثد اليزني ، ثم الحميري ، عن عبد الله بن
__________________
١٠٦٦ ـ في إسناده ابن اسحاق ، وهو ثقة مدلّس ، وقد عنعن.
رواه ابن اسحاق في المغازي ص : ٢٧ ـ ٢٨ ، وذكره ابن هشام في تهذيبه ١ / ١٥٥ ، والأزرقي ٢ / ٤٦ ـ ٤٧ ، وابن كثير في البداية والنهاية ٢ / ٢٤٦.
(١) في المراجع (رأوا جدّه).
(٢) كذا في الأصل ، ومغازي ابن اسحاق في إحدى الروايتين والأزرقي.
وعند ابن هشام وإحدى روايتي المغازي (ذد عنّي) وهي أقرب.
(٣) تهذيب ابن هشام ١ / ١٥٨ ـ ١٥٩.
(٤) تهذيب ابن هشام ١ / ١٥٣ ـ ١٥٤ ، والأزرقي ٢ / ٤٥ ـ ٤٦.