فهذا بلغني عن حديث علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ في زمزم (١).
قال عثمان في حديثه هذا : وسمعته من أبي القاسم ، يقول : أخبرنا سعيد ابن سالم ، عن عثمان بن ساج ، قال : وسمعت من يحدّث عن عبد المطلب انه قيل له حين أمر بحفر زمزم :
ادع بالماء الرّوا غير الكدر |
|
سقيا الحجيج في كلّ مبّر |
ليس يخاف فيه شيء ما عمر |
وخرج عبد المطلب حين قيل له ذلك إلى قريش ، فقال : تعلمون أنّي قد أمرت أن أحفر زمزم؟ قالوا : هل بيّن لك أين هي؟ قال : لا. قالوا : ارجع إلى مضجعك الذي رأيت فيه ما رأيت فإن يك حقا من الله بيّن لك ، وإن يكن من الشيطان فلن يعود (٢) لك ، فرجع عبد المطلب إلى مضجعه ، فنام فيه ، فأتى فقيل له : احفر زمزم ، إن حفرتها لم تندم ، وهي تراث أبيك الأعظم ، لا تنزف أبدا ولا تذمّ ، تروى الحجيج الأعظم ، مثل نعام جافل (٣) لم يقسم ، ينذر فيها ناذر ليغنم ، تكون ميراثا وعقدا محكم ، ليس كبعض ما قد تعلم ، وهي بين الفرث والدم. زعموا لأنه حين قيل له ذلك ، قال : وأين هي؟ قيل : عند قرية النمل ، حيث ينقر الغراب غدا. فالله أعلم أيّ ذلك كان. وغدا عبد المطلب ومعه الحارث ، وليس له يومئذ ولد غيره ، فوجد قرية النمل ، ووجد الغراب ينقر عندها / بين الوثنين إساف ونائلة اللذين
__________________
(١) مغازي ابن اسحاق ص : ٢٤ ـ ٢٥ ، وتهذيبها لابن هشام ١ / ١٥٠ ـ ١٥٤ ، والأزرقي ٢ / ٤٤ ـ ٤٥ ، والبيهقي في الدلائل ١ / ٩٣ ، والصالحي في سبل الهدى والرشاد ١ / ٢١٨ ، والهندي في كنز العمال ١٤ / ١٢٣.
(٢) في الأصل (يعد).
(٣) الجافل : الكثير.