(الثالث) : قيل : لم يذكر الله تعالى امرأة [في القرآن] (١) وسمّاها باسمها إلا مريم بنت عمران ، فإنه ذكر اسمها في نحو ثلاثين موضعا ، لحكمة ذكرها بعض الأشياخ قال : إن الملوك والأشراف لا يذكرون حرائرهم [في ملأ] (٢) ولا يبتذلون أسماءهن [بل] (٢) يكنون عن الزوجة بالعرس والعيال والأهل ونحوه ، فإذا ذكروا الإماء لم يكنوا عنهنّ ، ولم يصونوا أسماءهنّ عن الذّكر والتصريح بها. فلما قالت النصارى في مريم وفي ابنها ما قالت صرّح الله تعالى باسمها ، ولم يكنّ عنها ؛ تأكيدا للأموّة (٣) والعبوديّة التي هي صفة لها ، وإجراء للكلام على عادة العرب في ذكر أبنائها ؛ ومع هذا فإن عيسى لا أب له ، واعتقاد هذا واجب ، فإذا تكرّر ذكره منسوبا الى الأم استشعرت القلوب ما يجب عليها اعتقاده من نفي الأب عنه ، وتنزيهه الأمّ الطاهرة عن مقالة اليهود لعنهم الله.
(الرابع) : وأما الرجال فذكر منهم كثيرا ؛ وقد قيل في قوله تعالى : (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً) (المدثر : ١١) ، إنه الوليد بن المغيرة (٤) ، وقد سمّى الله زيدا (٥) في سورة الأحزاب للتصريح بأنّه ليس بابن النبي صلىاللهعليهوسلم ؛ وأضيف إلى ذلك (السِّجِلِ) قيل : إنه كان يكتب للنبي صلىاللهعليهوسلم ، وأنه المراد بقوله تعالى : (كَطَيِ) [٢٢ / أ](السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ) (٦) (الأنبياء : ١٠٤).
__________________
هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ) ـ إلى قوله (فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ) ولما كان يوم بدر تمكن بلال من أميّة فقتله (ابن هشام ، السيرة النبوية ٢ / ١٣٨) وانظر التعريف والإعلام : ١٨٥.
(١) ساقطة من المخطوطة ، وهي عند السهيلي في التعريف والإعلام : ١٠٩.
(٢) ساقطة من المطبوعة ، وهي عند السهيلي.
(٣) تصحّفت في المخطوطة إلى (لأمور العبودية) وفي المطبوعة إلى : (لأمر العبودية) والتصويب من السهيلي.
(٤) هو عدو الله الوليد بن المغيرة بن عبد الله المخزومي ، كان من كبار المعاندين لدين الله أحد رؤساء قريش. عن ابن عباس قال دخل الوليد بن المغيرة على أبي بكر فسأله عن القرآن فلما أخبره خرج على قريش فقال : يا عجبا لما يقول ابن أبي كبشة ، فو الله ما هو بشعر ولا بسحر ولا بهذي من الجنون وإن قوله لمن كلام الله ، ثم أتاه أبو جهل لعنه الله إثر مقالته ليحرّضه على النبيّ صلىاللهعليهوسلم فلما فكر قال : إن هذا إلا سحر يؤثره عن غيره. فنزلت (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً)» (ابن كثير ، التفسير ٤ / ٤٧٢) وانظر التعريف والإعلام : ١٧٩.
(٥) هو زيد بن حارثة بن شراحيل الكعبي صحابي جليل ، وهو الذي نزلت فيه الآية (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ) قال ابن عمر : «ما كنا ندعو زيد بن حارثة إلا زيد بن محمد حتى نزلت الآية : (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ)» ولم يقع في القرآن تسمية أحد باسمه إلا هو باتفاق. استشهد في غزوة موتة وهو ابن خمس وخمسين سنة (ابن حجر ، الإصابة ١ / ٥٤٦).
(٦) في المخطوطة : كطيّ السّجلّ للكتاب وهي بالجمع قراءة حفص وحمزة والكسائي ، وبالإفراد قراءة الباقين (الداني ، التيسير : ١٥٥) ونقل السهيلي في التعريف والإعلام : ١١٥ : «السّجلّ فيما ذكر محمد بن الحسن المقرئ عن جماعة من المفسرين قال : ملك في السماء الثالثة ترفع إليه أعمال العباد. ترفعها إليه الحفظة الموكلون بالخلق في كل خميس واثنين ، وكان من أعوانه.