بيّن أن المراد باللفظ خاص ؛ ونظيره تفسير النبي صلىاللهعليهوسلم الظلم بالشرك فيما سبق (١) ، ومن ذلك قوله تعالى : (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا.) (المائدة : ٩٣) ؛ الآية ؛ ف «حكي عن عثمان بن مظعون (٢) وعمر [و] (٣) بن معد [يكرب] (٣) أنهما كانا يقولان : الخمر مباحة ، ويحتجّان بهذه الآية ، وخفي عليهما سبب نزولها ؛ فإنّه يمنع من ذلك ؛ وهو ما قاله الحسن (٤) وغيره : لما نزل تحريم الخمر ، قالوا : كيف بإخواننا الذين ماتوا وهي في بطونهم. وقد أخبر الله أنّها رجس! فأنزل الله تعالى : (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ) (المائدة : ٩٣) (٥).
ومن ذلك قوله تعالى : (وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ...) (الطلاق : ٤) الآية ، قد أشكل معنى هذا الشرط على بعض الأئمة ؛ وقد بينه سبب النزول ؛ روي «أن ناسا قالوا : يا رسول الله ؛ قد عرفنا عدّة ذوات الأقراء ؛ فما عدّة اللائي لم يحضن من الصّغار والكبار؟ فنزلت ؛ [ف] (٦) هذا يبيّن معنى : (إِنِ ارْتَبْتُمْ) (الطلاق : ٤) أي إن أشكل عليكم حكمهنّ ، وجهلتم كيف يعتددن ؛ فهذا حكمهنّ» (٧).
__________________
(١) تقدم تخريج الحديث ص : ١٠٧.
(٢) هو عثمان بن مظعون بن حبيب الجمحي ، أسلم بعد ثلاثة عشر رجلا وهاجر إلى الحبشة هو وابنه السائب الهجرة الأولى وهو أول من مات في المدينة من المهاجرين وأول من دفن بالبقيع منهم. توفي بعد شهوده بدرا في السنة الثانية للهجرة. (ابن حجر ، الإصابة ٢ / ٤٥٧).
(٣) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة. وهو الصحابي الجليل عمرو بن معد يكرب بن عبد الله الزبيدي كان شاعرا فارسا مشهورا يكنّى أبا ثور شهد الكثير من الوقائع كما شهد القادسية واليرموك. وكتب عمر إلى سعد : إني أمددتك بألفي رجل : عمرو بن معد يكرب وطليحة بن خويلد ، مات في خلافة عثمان بالفالج وقد جاوز المائة بعشرين سنة (ابن حجر ، الإصابة ٣ / ١٨).
(٤) الحسن بن أبي الحسن يسار البصري ، تقدمت ترجمته ص ١٠٠.
(٥) الحديث متفق عليه من رواية أنس رضياللهعنه ، أخرجه البخاري في صحيحه ٨ / ٢٧٨ كتاب التفسير (٦٥) ، باب قوله تعالى (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا...) (١١) ، الحديث (٤٦٢٠) ، وأخرجه مسلم في صحيحه ٣ / ٥٧٠ كتاب الأشربة (٣٦) ، باب تحريم الخمر (١) الحديث (٣ / ١٩٨٠).
(٦) ساقطة من المخطوطة.
(٧) الحديث أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره ٢٨ / ٩١ من رواية أبيّ بن كعب ، عند قوله تعالى في سورة الطلاق (وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ) وأخرجه الحاكم في المستدرك ٢ / ٤٩٢ كتاب التفسير ، باب تفسير سورة الطلاق ، وصحّحه ، وأخرجه البيهقي في سننه ٧ / ٤١٤ ، كتاب العدد ، باب سبب نزول الآية في العدة ، وعزاه السيوطي لإسحاق بن راهويه ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه (الدر المنثور ٦ / ٢٣٤).