في المعتلّ ، وفيما يلحق الحروف الثلاثة التي هي الواو والياء والألف من
التغيير بالإبدال والحذف والإسكان ، أو ككلامنا مثلا على التثنية وجمع السلامة ،
لم كان إعرابهما على خلاف إعراب الواحد ، ولم تبع النصب فيهما الجرّ؟ وفي «النون»
أنّه عوض عن الحركة والتنوين في حال ، وعن الحركة وحدها في حال.
والكلام على ما
ينصرف وما لا ينصرف ، ولم كان منع الصرف؟ وبيان العلّة فيه ، والقول على الأسباب
التّسعة وأنها كلّها ثوان لأصول ، وأنه إذا حصل منها اثنان في اسم ، أو تكرّر سبب
، صار بذلك ثانيا من جهتين ، وإذا صار كذلك أشبه الفعل ، لأن الفعل ثان للاسم ،
والاسم المقدّم والأوّل ، وكلّ ما جرى هذا المجرى؟.
قلنا : إنّا
نسكت عنكم في هذا الضرب أيضا ، نعذركم فيه ونسامحكم على علم منّا بأن قد أسأتم
الاختيار ، ومنعتم أنفسكم ما فيه الحظّ لكم ، ومنعتموها الاطّلاع على مدارج الحكمة
، وعلى العلوم الجمّة. فدعوا ذلك ، وانظروا في الذي اعترفتم بصحّته وبالحاجة إليه
، هل حصلتموه على وجهه؟ وهل أحطتم بحقائقه؟
وهل وفّيتم كل
باب منه حقّه ، وأحكمتموه إحكاما يؤمنكم الخطأ فيه إذا أنتم خضتم في التفسير ،
وتعاطيتم على التأويل ، ووازنتم بين بعض الأقوال وبعض ، وأردتم أن تعرفوا الصّحيح
من السقيم ، وعدتم في ذلك وبدأتم ، وزدتم ونقصتم؟.
وهل رأيتم ؛ إذ
قد عرفتم صورة المبتدأ والخبر ، وأن إعرابهما الرفع ، أن تتجاوزوا ذلك إلى أن
تنظروا في أقسام خبره ، فتعلموا أنه يكون مفردا وجملة ، وأن المفرد ينقسم إلى ما
يحتمل ضميرا له ، وإلى ما لا يحتمل الضمير ، وأنّ الجملة على أربعة أضرب ، وأنه لا
بدّ لكل جملة وقعت خبرا لمبتدإ من أن يكون فيها ذكر يعود إلى المبتدأ ، وأن هذا
الذّكر ربما حذف لفظا وأريد معنى ، وأنّ ذلك لا يكون حتى يكون في الحال دليل عليه
، إلى سائر ما يتّصل بباب الابتداء من المسائل اللطيفة والفوائد الجليلة التي لا
بدّ منها؟.
وإذا نظرتم في
الصّفة مثلا ، فعرفتم أنها تتبع الموصوف ، وأنّ مثالها قولك : «جاءني رجل ظريف» و
«مررت بزيد الظريف» ، هل ظننتم أنّ وراء ذلك علما ، وأنّ هاهنا صفة تخصّص ، وصفة
توضّح وتبيّن ، وأن فائدة التّخصيص غير فائدة التوضيح ، كما أنّ فائدة الشّياع غير فائدة الإبهام ، وأن من الصفة صفة لا يكون فيها
__________________