ويعرف الشّعر مثل معرفتي |
|
وهو على أن يزيد مجتهد |
وصيرفيّ القريض ، وزّان دينا |
|
ر المعاني الدّقاق ، منتقد (١) |
ومنه قول أبي تمام : [من الكامل]
خذها ابنة الفكر المهذّب في الدّجى |
|
واللّيل أسود رقعة الجلباب (٢) |
ومما أكثر الحسن فيه بسبب النظم ، قول المتنبي : [من الطويل]
وقيّدت نفسي في ذراك محبّة |
|
ومن وجد الإحسان قيدا تقيّدا (٣) |
الاستعارة في أصلها مبتذلة معروفة ، فإنك ترى العامّي يقول للرجل يكثر إحسانه إليه وبرّه له ، حتى يألفه ويختار المقام عنده : «قد قيّدني بكثرة إحسانه إليّ ، وجميل فعله معي ، حتى صارت نفسي لا تطاوعني على الخروج من عنده» ، وإنما كان ما ترى من الحسن ، بالمسلك الذي سلك في النّظم والتأليف.
فصل
«القول في التقديم والتأخير»
هو باب كثير الفوائد ، جمّ المحاسن ، واسع التصرّف ، بعيد الغاية ، لا يزال يفترّ لك عن بديعة ، ويفضي بك إلى لطيفة ، ولا تزال ترى شعرا يروقك مسمعه ، ويلطف
__________________
(١) الخالدي : هو أبو عثمان سعيد بن هاشم الخالدي من شعراء اليتيمة ، وكان في حاشية سيف الدولة الأدبية ، وقيم دار كتبه مع أخيه أبي بكر محمد. والبيتان في الإيضاح (ص ١٠) ، والشاهد في قوله : «وزان دينار المعاني».
(٢) البيت في ديوانه (ص ٢٩) من قصيدة قالها في مدح مالك بن طوق التغلبي وقبله :
يا مالك استودعتني لك منة |
|
تبقى ذخائرها على الأحقاب |
يا خاطبا مدحي إليه بجوده |
|
ولقد خطبت قليلة الخطاب |
والبيت في المصباح (٢١١). قوله في الدجى : تتميم ، ويسميه البعض حشوا ، وهم يعيبونه ، ولكن من الدارسين من يرى غير ذلك.
(٣) البيت في ديوانه ، وهو البيت قبل الأخير من قصيدة قالها في مدح سيف الدولة يمدحه ويهنئه بعيد الأضحى سنة اثنتين وأربعين وثلاث مائة أنشده إياها في ميدانه بحلب وهما على فرسيهما ، وقبله :
تركت السّرى خلفي لمن قلّ ماله |
|
وأنعلت أفراسي بنعماك عسجدا |