الكتابة عن النصيرية كسائر الفرق الشيعية أمر صعب لا سيما وانّهم اضطروا إلى التخفّي والانطواء على أنفسهم ، وعاشوا في ظل التقية ، ومن يتصفّح التاريخ يجد أنّه لا مندوحة لهم من التكتّم والتحفّظ في عقائدهم ، فمعاجم الفرق مليئة بذمّهم وتفسيقهم وتكفيرهم ، وقد أخذ بعضهم عن بعض ، ولا يمكن الاعتماد على ما نقلوه عنهم إلّا بالرجوع إلىٰ كتب تلك الفرقة أو التعايش معهم في أوطانهم حتىٰ ينجلي الحقّ ليقف الإنسان على مكامن عقائدهم وخفايا أُصولهم ، ونحن نسرد قبل كلّ شيء ما ذكرته معاجم الفرق في هذا المقام من دون أيّ تعليق مسهب.
١. ولعلّ أوّل من ذكرهم من أصحاب المقالات هو الشيخ الحسن بن موسى النوبختي من أعلام القرن الثالث ، ويظهر منه أنّها نشأت بعد وفاة الإمام الهادي عليهالسلام عام ٢٥٤ هـ ، فقال :
وقد شذّت فرقة من
القائلين بإمامة علي بن محمد في حياته ، فقالت بنبوّة رجل يقال له محمد بن نصير النميري ، وكان يدّعي أنّه نبي ، بعثه أبو الحسن العسكري عليهالسلام ، وكان يقول بالتناسخ والغلو في أبي
الحسن ، ويقول فيه بالربوبية ، ويقول بالإباحة للمحارم ويحلّل نكاح الرجال بعضهم بعضاً في أدبارهم ، ويزعم أنّ ذلك من التواضع والتذلّل ، وأنّها إحدى الشهوات والطيبات ، وأنّ الله عزّ وجلّ لم يحرّم شيئاً من ذلك ، وكان يقوي أسباب هذا النميري ، محمد بن موسى بن