.................................................................................................
______________________________________________________
فمعنى الحديث حينئذ : أن ما لم يصدر فيه نهي واقعا ـ بمعنى سكوت الله تعالى عنه ـ فهو حلال ولا كلفة على العباد من جهته ، في مقابل ما إذا صدر النهي عنه واقعا فليس حلالا وان لم يعلم به المكلف ، فوزان هذا الحديث حينئذ وزان حديث الحجب ، وحديث السكوت أعني قوله عليهالسلام : «... وسكت عن أشياء لم يسكت عنها نسيانا فلا تكلفوها».
وعليه فلا يصح الاستدلال به على البراءة حتى تقع المعارضة بينه وبين أدلة الاحتياط ـ لو تمت ـ بل أدلة الاحتياط مقدمة عليه ، والوجه فيه واضح ، فان المقصود إثبات البراءة في كل ما لم يصل فيه نهي إلينا ، لا فيما لم يصدر فيه نهي واقعا ، وحينئذ فإذا كان مفاد الحديث ـ كما تقدم ـ هو إباحة المشتبه ما لم يصدر نهي فيه واقعا كانت إباحته مغياة بصدور النهي عنه واقعا ، فالحكم بالإباحة ظاهرا يكون مشروطا بالعلم بعدم تحقق هذه الغاية أعني صدور النهي فيه واقعا ، فإذا احتملنا تحققها بأن يكون قد بيّن الشارع حكمه الواقعي واختفي علينا بمعصية من عصى الله تعالى لم يصح التمسك بهذا الحديث لإثبات الإباحة ، لأنه حينئذ من التمسك بالعامّ في الشبهة المصداقية ، وقد ثبت في محله عدم جوازه.
والحاصل : أنه مع احتمال إرادة الصدور من الورود لا موجب للجزم بظهوره في خصوص الوصول حتى يتجه الاستدلال به على البراءة.
__________________
والظاهر أنه (قده) استظهر الوصول من الورود ، لعدم احتمال إرادة عدم الوجود من قوله : «غير موجود» وان كان ذلك ظاهره ، ضرورة أن المترتب على الفحص انما هو عدم الوجدان والوصول لا عدم الوجود والصدور. كما أن المراد من النهي هو النهي عن الشيء بعنوانه الخاصّ ، فيكون دليلا على البراءة.