من (١) التكليف ، بدعوى ظهوره في خصوص ما تعلقت عنايته تعالى بمنع اطلاع العباد عليه (٢) ، لعدم أمر رسله بتبليغه ،
______________________________________________________
للعباد ، لا ما بيّنه واختفي عليهم من معصية من عصى الله في كتمان الحق أو ستره ... إلخ» وحاصله : المناقشة في ما تقدم بيانه في معنى الحجب ومنع عمومه ، توضيحه : أن اختفاء الحكم قد يستند إلى وجود مصلحة في إخفائه أو مفسدة في إظهاره ، وقد يستند إلى انطماس أدلة الأحكام من جهة تقصير العصاة اللئام ، ومحل البحث في البراءة هو الثاني ، وحينئذ فنقول : إذا كان الحديث دالا على كون الحكم المختفي علمُه عن العباد ـ لأجل طروء الحوادث الخارجية ـ مع بيانه وصدوره عنهم عليهمالسلام موضوعا عنهم ، فقدتم الاستدلال به.
وأما إذا كان دالا على أن الحكم إذا اختفي علمه عن العباد وكان اختفاؤه عنهم مستندا إلى عدم إظهاره لهم أصلا ، فهو أجنبي عن البراءة ، فان الحكم حينئذ باق على إنشائيته ولم يصل إلى مرتبة الفعلية ، ومن المعلوم أن ظاهر الحديث الشريف بقرينة نسبة الحجب إلى نفسه تعالى هو هذا الاحتمال الثاني ، فمعناه : أن ما لم يبيِّنه الله للعباد فهو موضوع عنهم ، وأما ما بيّنه واختفي علينا بسوء أعمالنا فلا يصدق أنه تعالى حجب علمه علينا ، إذ الحاجب حينئذ غيره ، فلا يكون موضوعا عن العباد ، فلا يصح الرجوع فيه إلى هذا الحديث ، كما لا يصح الرجوع إليه في حكم شُك في كونه من قبيل القسم الأول أو الثاني ، لعدم صحة الرجوع إلى الدليل مع الشك في موضوعه.
(١) كما هو المطلوب في البراءة ، و «بدعوى» متعلق بـ «يشكل» وبيان له وقد عرفته ، وضمير «ظهوره» في الموضعين راجع إلى حديث الحجب.
(٢) أي : على ما لا يعلم من التكليف ، وضمير «بتبليغه» راجع إلى الموصول