وأين من لم يزل يذمُّ لنا |
|
الدنيا وقول المحال والكذبِ |
وأين من لم يزل بأَدمعِهِ |
|
يخدعنا باكياً على الخشبِ |
وأين من كان في مواعظِهِ |
|
يصولُ زجراً عن كلّ مجتنبِ |
ويقطعُ القول لا يتمّمه |
|
منغلباً بالسماعِ والطربِ |
ويقسم الغمر أنّه رجلٌ |
|
ليس له في الوجودِ من أربِ |
لو كانت الأرضُ كلّها ذهباً |
|
أعرضَ عنها إعراضَ مكتئبِ |
أسفرَ ذاك الناموسُ مختيلاً |
|
عن راغبٍ في التراثِ مُستلبِ |
وكان ذاك الصراخُ يزعجُنا |
|
شكوى فقيرٍ على الدنا وصبِ |
شيخي بعد الذمِّ الصريحِ لما |
|
أبيته جئته على طلبِ |
نسيتَ ما قلته على ورعٍ |
|
عنّي لما اكتسبت بالدأبِ |
ويلٌ له إن يمتْ بخدمتِهِ |
|
يمتْ كفوراً وليس بالعجبِ |
ما كان مالُ السلطانِ مكتسباً |
|
لمسلم سالمٍ من العطبِ (١) |
فكتب النقيب قطب الدين الحسين ابن الأقساسي إلى النقيب مجد الدين المذكور أبياتاً كالمعتذر عنه والمسلّي له ، يقول في أوّلها :
إنَّ صحابَ النبيّ كلَّهمُ |
|
غيرَ عليِّ وآلهِ النُّجبِ |
مالوا إلى الملكِ بعد زهدهمُ |
|
واضطربوا بعده على الرتبِ |
وكلّهم كان زاهداً ورعاً |
|
مشجِّعاً في الكلامِ والخطبِ |
فأُخذ عليه مآخذ فيما يرجع إلى ذكر الصحابة والتابعين ، وتصدّى له جماعة وعملوا قصائد في الردّ عليه ، وبالغوا في التشنيع عليه ، حتى إنَّ قوماً استفتوا عليه الفقهاء ونسبوه إلى أنَّه طعن في الصحابة والتابعين ونسبهم إلى قلّة الدين ، فأفت اهم الفقهاء بموجب ما صدرت به الفتيا.
__________________
(١) بعد هذا البيت أربعة عشر بيتاً ضربنا عنها صفحاً. (المؤلف)