غثيثة التزوير
هذه مأثورات القوم في حجرهم الأساسيّ الذي عليه ابتنوا ما علّوه من هيكل الإفك ، وما شادوه وأشادوا بذكره من بنيّة الزور ، وقد عرفت شهادة الأعلام بأنّها أساطير موضوعة لا مقيل لها من الصحّة ، ويساعد ذلك الاعتبار أنّ البرهنة الوحيدة عند القوم في باب الخلافة هو الإجماع والانتخاب فحسب ، ولم تجد منهم أيّ شاذٍّ يعتمد على النصّ فيها ، وتراهم بسطوا القول حول إبطال النصّ وتصحيح الاختيار وأحكامه ، وقد يُعزى لديهم إنكار النصّ إلى أمّة من الشيعة فضلاً عن جمهورهم ؛ قال الباقلانيّ في التمهيد (ص ١٦٥) : وعلمنا بأنّ جمهور الأمّة والسواد الأعظم منها ينكر ذلك ـ النصّ ـ ويجحده ويبرأ من الدائن به ، ورأينا أكثر القائلين بفضل عليّ عليهالسلام من الزيديّة ومعتزلة البغداديّين وغيرهم ، ينكر النصّ عليه ويجحده مع تفضيله عليّا على غيره.
وقال الخضري في المحاضرات (١) (ص ٤٦) : الأصل في انتخاب الخليفة رضا الأمّة ، فمن ذلك يستمدّ قوّته ، هكذا رأى المسلمون عند وفاة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقد انتخبوا أبا بكر الصدّيق اختياراً منهم لا استناداً إلى نصٍّ أو أمرٍ من صاحب الشريعة صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وبعد أن انتخبوه بايعوه ، ومعنى ذلك عاهدوه على السمع والطاعة فيما
__________________
(١) محاضرات تاريخ الأمم الإسلامية ـ الدولة العباسية : ص ٤١.