١٣ ـ قال فقهاء المذاهب الأربعة ، مؤلِّفو كتاب الفقه على المذاهب الأربعة (١) (١ / ٤٢٤) : زيارة القبور مندوبة للاتِّعاظ وتذكّر الآخرة ، وتتأكّد يوم الجمعة ويوماً قبلها ويوماً بعدها (٢). وينبغي للزائر الاشتغال بالدعاء والتضرّع والاعتبار بالموتى وقراءة القرآن للميّت ؛ فإنَّ ذلك ينفع الميّت على الأصحّ.
وممّا ورد أن يقول الزائر عند رؤية القبور : اللهمّ ربّ الأرواح الباقية ، والأجسام البالية ، والشعور المتمزّقة ، والجلود المتقطعة ، والعظام النخرة التي خرجت من الدنيا وهي بك مؤمنة ، أنزل عليها روحاً منك وسلاماً منّي.
وممّا ورد أيضاً أن يقول : السلام عليكم دار قوم مؤمنين ، وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون. ولا فرق في الزيارة بين كون المقابر قريبة أو بعيدة ، بل يندب السفر لزيارة الموتى خصوصاً مقابر الصالحين ، أمّا زيارة قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فهي من أعظم القرب ، وكما تندب زيارة القبور للرجال تندب أيضاً للنساء العجائز اللاتي لا يخشى منهنّ الفتنة ، إن لم تؤدِّ زيارتهنّ إلى الندب أو النياحة ، وإلاّ كانت محرّمة.
النذور لأهل القبور :
إنّ لابن تيميّة ـ ومن لفَّ لفّه ـ في المسألة هثهثة (٣) ، أتوا فيها بالمهاجر (٤) ؛ ورموا مخالفيهم من فرق المسلمين بمُهجِرات ، وقد مرَّ عن القصيمي (ص ٩٠) أنَّها من شعائر الشيعة الناشئة عن غلوِّهم في أئمّتهم وتأليههم لعليٍّ وولده. إن هذا إلاّ اختلاق
__________________
(١) الفقه على المذاهب الأربعة : ١ / ٥٤٠.
(٢) الحنابلة قالوا : لا تتأكّد الزيارة في يوم دون يوم ، والشافعية قالوا : تتأكّد من عصر يوم الخميس إلى طلوع شمس يوم السبت ، وهذا قول راجح عند المالكية ، كذا في هامش الفقه على المذاهب الأربعة [١ / ٥٤٠]. (المؤلف)
(٣) الهثهثة : كلام الألثغ. والهثهثة : الفساد أيضاً.
(٤) المهاجر والمهجرات : القبيح من الكلام.