ما هذه الدمدمة والهمهمة؟
ليست هذه الروايات إلاّ جلبةً وصخباً تجاه الحقيقة الراهنة ؛ وو جاه الخلافة الحقّة الثابتة بالنصوص الصريحة الصحيحة لأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، قد صدع بها النبيّ الأمين وحياً من الله العزيز من يوم بدء الدعوة إلى آخر نفس لفظه.
إن هي إلاّ اللغط والشغب دون أمر ليس لخلق الله فيه أيّ خيرة ، وقد نصّ النبيّ الأعظم في بدء دعوته على أنّ الأمر إلى الله يضعه حيث يشاء ، وذلك يوم عرض نفسه صلىاللهعليهوآلهوسلم على بني عامر بن صعصعة ودعاهم إلى الله ، فقال له قائلهم : أرأيت إن نحن تابعناك على أمرك ثمّ أظهرك الله على من خالفك أيكون لنا الأمر من بعدك؟ قال : «إنّ الأمر إلى الله يضعه حيث يشاء» (١).
إن هي إلاّ سلسة بلاء وحلقة شقاء تجرُّ الأمّة إلى الضلال ، وتسفّ بها إلى حضيض التعاسة ، وتديمها في الجهل المبير ، ومهاوي الدمار.
إن هي إلاّ ولائد النزعات الباطلة ، والأهواء المضلّة ، لا مقيل لها في مستوى الحقّ والصدق ، ولا قيمة لها في سوق الاعتبار.
إن هي إلاّ نسيجة يد الإفك والزور ، حبكها التزحزح عن قانون العدل ، والتنحّي عن شرعة الحقّ ، والبعد عن حكم الأمانة.
إن هي إلاّ صبغة الهثّ (٢) والدجل شُوّهت بها صفحات التاريخ ، لا يرتضيها أيّ دينيّ من رجالات المذاهب ، ولا يُعوّل عليها المثقّف النابه ، ولا يتّخذها السالك إلى الله سبيلاً ، ولا يجد الباحث عن الحقّ فيها أُمنيّته.
__________________
(١) سيرة ابن هشام : ١ / ٣٣ [٢ / ٦٦] ، الروض الأُنُف : ص ٢٦٤ [٤ / ٣٩] ، السيرة الحلبية : ٢ / ٣ ، السيرة النبوية لزيني دحلان : ١ / ٣٠٢ [١ / ١٤٧]. (المؤلف)
(٢) الهثُّ : الكذب.