وقال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (١) (٢ / ٤٥) : سألت بعض من أثق به من عقلاء شيوخ أهل الكوفة عمّا ذكره الخطيب أبو بكر في تاريخه (١ / ١٣٨) أنَّ قوماً يقولون : إنَّ هذا القبر الذي تزوره الشيعة إلى جانب الغريّ هو قبر المغيرة بن شعبة ، فقال : غلطوا في ذلك ، قبر المغيرة وقبر زياد بالثويّة من أرض الكوفة ، ونحن نعرفهما وننقل ذلك عن آبائنا وأجدادنا ، وأنشدني قول الشاعر يرثي زياداً ، وقد ذكره أبو تمام في الحماسة :
صلّى الإلهُ على قبرٍ وطهّرهُ |
|
عند الثويّةِ يسفي فوقَه المورُ (٢) |
زفّت إليه قريش نعشَ سيّدِها |
|
فالحلمُ والجودُ فيه اليوم مقبورُ |
أبا المغيرةِ والدنيا مفجِّعةٌ |
|
وإنَّ من غرَّتِ الدنيا لمغرورُ |
وسألت قطب الدين نقيب الطالبيّين أبا عبد الله الحسين ابن الأقساسي رضى الله عنه عن ذلك فقال : صدق من أخبرك ، نحن وأهلها كافّة نعرف مقابر ثقيف إلى الثويّة ، وهي إلى اليوم معروفة ، وقبر المغيرة فيها ؛ إلاّ أنَّها لا تُعرف قد ابتلعها السبخ وزبد الأرض وفورانها فطمست واختلط بعضها ببعض ، ثمّ قال : إن شئت أن تتحقّق أنَّ قبر المغيرة في مقابر ثقيف فانظر إلى كتاب الأغاني لأبي الفرج عليّ بن الحسين (٣) ، والمح ما قاله في ترجمة المغيرة وأنّه مدفون في مقابر ثقيف ، ويكفيك قول أبي الفرج فإنّه الناقد البصير والطبيب الخبير. فتصفّحت ترجمة المغيرة في الكتاب المذكور فوجدت الأمر كما قاله النقيب.
توجد ترجمة قطب الدين الأقساسي في تاريخ ابن كثير (٤) (١٣ / ١٧٣) ، قد
__________________
(١) شرح نهج البلاغة : ٦ / ١٢٣ خطبة ٦٩.
(٢) المور : التراب تثيره الريح. (المؤلف)
(٣) الأغاني : ١٦ / ١٠٢.
(٤) البداية والنهاية : ١٣ / ٢٠٢ حوادث سنة ٦٤٥ ه.