من لعن أخي رسول الله صلى الله عليه وسلم على منبرهم ، وهو يُلعن على منابر الحرمين ـ مكّة والمدينة. انتهى.
لمّا مات الحسن بن علي عليهماالسلام حجّ معاوية فدخل المدينة ، وأراد أن يلعن عليّا على منبر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقيل له : إنَّ هاهنا سعد بن أبي وقّاص ، ولا نراه يرضى بهذا ، فابعث إليه وخذ رأيه. فأرسل إليه وذكر له ذلك فقال : إن فعلت لأخرجنَّ من المسجد ، ثمّ لا أعود اليه. فأمسك معاوية عن لعنه حتى مات سعد ، فلمّا مات لعنه على المنبر ، وكتب إلى عمّاله : أن يلعنوه على المنابر. ففعلوا.
فكتبت أمّ سلمة زوج النبيِّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى معاوية : إنَّكم تلعنون الله ورسوله على منابركم! وذلك أنَّكم تلعنون عليَّ بن أبي طالب ومن أحبه ، وأنا أشهد أنّ الله أحبه ورسوله. فلم يلتفت إلى كلامها (١).
قال الجاحظ في كتاب الردِّ على الإماميّة : إنَّ معاوية كان يقول في آخر خطبته : اللهم إنَّ أبا تراب ألحد في دينك ، وصدَّ عن سبيلك ، فالعنه لعناً وبيلاً ، وعذِّبه عذاباً أليما. وكتب بذلك إلى الآفاق ، فكانت هذه الكلمات يشادبها على المنابر إلى أيّام عمر ابن عبد العزيز. وإنَّ قوماً من بني أميّة قالوا لمعاوية : يا أمير المؤمنين إنَّك قد بلغت ما أمّلت ، فلو كففتَ عن هذا الرجل. فقال : لا والله حتى يربو عليه الصغير ، ويهرم عليه الكبير ، ولا يذكر له ذاكرٌ فضلاً. وذكره ابن أبي الحديد في شرحه (٢) (١ / ٣٥٦).
قال الزمخشري في ربيع الأبرار (٣) ـ على ما يعلق بالخاطر والحافظ السيوطي : إنّه كان في أيّام بني أميّة أكثر من سبعين ألف منبر ، يُلعن عليها عليّ بن أبي طالب ، بما سنّه لهم معاوية من ذلك. وفي ذلك يقول العلاّمة الشيخ أحمد الحفظي
__________________
(١) العقد الفريد : ٢ / ٣٠٠ [٤ / ١٥٩]. (المؤلف)
(٢) شرح نهج البلاغة : ٤ / ٥٦ ، ٥٧ خطبة ٥٦.
(٣) ربيع الأبرار : ٢ / ١٨٦.