عبد الله بن طاهر : ما الهلع؟ قلت : قد فسّره الله تعالى. انتهى كلام
الزمخشري ؛ أو لكونه مخصصا له نحو : زيد التاجر عندنا. أو لكونه مدحا له ، كقولنا
: جاء زيد العالم ، حيث يتعين فيه «زيد» قبل ذكر «العالم» ونحوه من غيره قوله
تعالى : (بِسْمِ اللهِ
الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) (١) وقوله تعالى : (هُوَ اللهُ الْخالِقُ
الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ) [الحشر : الآية ٢٤].
أو لكونه ذما
له ، كقولنا : ذهب زيد الفاسق ؛ حيث يتعين فيه «زيد» قبل ذكر «الفاسق» ، ونحوه من
غيره قوله تعالى : (فَإِذا قَرَأْتَ
الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ) (٩٨) [النّحل : الآية ٩٨].
أو لكونه
تأكيدا له ، كقولك : أمس الدابر وكان يوما عظيما.
أو لكونه بيانا
له ، كقوله تعالى : (لا تَتَّخِذُوا
إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ) [النّحل : الآية ٥١].
قال الزمخشري :
الاسم الحامل لمعنى الإفراد والتثنية دالّ على شيئين : على الجنسية ، والعدد
المخصوص ، فإذا أريد الدلالة على أن المعنيّ به منهما ، والذي يساق له الحديث ، هو
العدد ؛ شفع بما يؤكده ، فدل به على القصد إليه ، والعناية به ، ألا ترى أنك لو
قلت : «إنما هو إله» ولم تؤكده بواحد ، لم يحسن ، وخيّل أنك تثبت الإلهية لا
الوحدانية؟.
وأما قوله
تعالى : (وَما مِنْ دَابَّةٍ
فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ) [الأنعام : الآية ٣٨] فقال السكاكي : شفع دابة ب (فِي الْأَرْضِ) وطائرا ب (يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ) لبيان أن القصد بهما إلى الجنسين ، وقال الزمخشري :
معنى ذلك زيادة التعميم والإحاطة ، كأنه قيل : وما من دابة قطّ في جميع الأرضين
السبع ، وما من طائر قطّ في جوّ السماء من جميع ما يطير بجناحيه.
واعلم أن
الجملة قد تقع صفة للنكرة ، وشرطها أن تكون خبرية ؛ لأنها في المعنى حكم على
صاحبها كالخبر ؛ فلم يستقم أن تكون إنشائية مثله ، وقال السكاكي : لأنه يجب أن
يكون المتكلم يعلم تحقّق الوصف للموصوف ، لأن الوصف إنما يؤتى به ليميز الموصوف
عما عداه ، وتميز المتكلم شيئا من شيء بما لا يعرفه له محال ، فما لا يكون عنده
محققا للموصوف يمتنع أن يجعله وصفا له ، بحكم عكس النقيض ، ومضمون الجمل الطلبية
كذلك ؛ لأن الطلب يقتضي مطلوبا غير متحقق لامتناع طلب الحاصل ؛ فلا يقع شيء منها
صفة لشيء.
والتعليل الأول
أعمّ ؛ لأن الجملة الإنشائية قد لا تكون طلبية ، كقولنا : نعم الرجل