حقيقي ، كقوله
تعالى : (عالِمُ الْغَيْبِ
وَالشَّهادَةِ) [الرّعد : الآية ٩] أي كل غيب وشهادة.
وعرفي كقولنا :
جمع الأمير الصّاغة. إذا جمع صاغة بلده أو أطراف مملكته فحسب ، لا صاغة الدنيا.
واستغراق
المفرد أشمل من استغراق الجمع ؛ بدليل أنه لا يصدق «لا رجل في الدار» في نفي الجنس
، إذا كان فيها رجل أو رجلان ، ويصدق «لا رجال في الدار».
ولا تنافي بين
الاستغراق وأفراد اسم الجنس ؛ لأن الحرف إنما يدخل عليه مجردا على الدلالة على
الوحدة والتعدد ، ولأنه بمعنى كل الإفراديّ لا كل المجموعي ، أي معنى قولنا : «الرجل»
كل فرد من أفراد الرجال لا مجموع الرجال ، ولهذا امتنع وصفه بنعت الجمع ،
وللمحافظة على التشاكل بين الصفة والموصوف أيضا.
فالحاصل أن
المراد باسم الجنس المعرف باللام ؛ إما نفس الحقيقة ، لا ما صدق عليه من الأفراد ،
وهو تعريف الجنس والحقيقة ، ونحوه علم الجنس ، كأسامة.
وإما فرد معيّن
، وهو العهد الخارجيّ ، ونحوه العلم الخاص ، كزيد.
وإما فرد غير
معيّن ، وهو العهد الذّهنيّ ، ونحوه النكرة ، كرجل.
وإما كلّ
الأفراد ، وهو الاستغراق ، ونحوه لفظ كل مضافا إلى النكرة ، كقولنا : كل رجل.
وقد شكك
السكاكي على تعريف الحقيقة والاستغراق بما خرج الجواب عنه مما ذكرنا ، ثم اختار ـ بناء
على ما حكاه عن بعض أئمة أصول الفقه من كون اللام موضوعة لتعريف العهد لا غير ـ أن
المراد بتعريف الحقيقة تنزيلها منزلة المعهود بوجه من الوجوه الخطابية ؛ إما لكون
الشيء حاضرا في الذهن ؛ لكونه محتاجا إليه على طريق التحقيق أو التهكم ، أو لأنه
عظيم الخطر معقود به الهمم على أحد الطريقين ، وإما لأنه لا يغيب عن الحسن على أحد
الطريقين لو كان معهودا.
وقال : الحقيقة
من حيث هي هي لا واحدة ولا متعددة ؛ لتحققها مع الوحدة تارة ومع التعدد أخرى ، وإن
كانت لا تنفكّ في الوجود عن أحدهما ، فهي صالحة للتوحّد والتكثّر ، فكون الحكم
استغراقا أو غير استغراق ؛ إلى مقتضى المقام ، فإذا كان خطابيا مثل «المؤمن غرّ
كريم والفاجر خبّ لئيم» حمل المعرّف باللام ـ مفردا كان أو جمعا ـ
__________________