والأسرار والخواصّ الخارجة عن طوق البشر (١) وهذا (٢) وسيلة إلى تصديق
النّبي عليهالسلام وهو (٣) وسيلة إلى الفوز بجميع السّعادات (٤) فيكون (٥)
من أجلّ العلوم
______________________________________________________
(١) المراد
بالدّقائق والأسرار والخواصّ الخارجة عن طوق البشر أي عن وسعه وقدرته هي الخصوصيات
الّتي تقتضيها الأحوال كالتّأكيد والتّجريد والتّقديم والتّأخير ونحو ذلك ممّا
يأتي تفصيله في الكتاب.
لا شكّ في أنّ
القرآن معجز وقد اختلفوا في سبب الإعجاز على أقوال :
فذهب المشهور
إلى أنّه لاشتماله على الدّقائق والأسرار الّتي هي خارجة عن قدرة البشر ، وقد ذهب
إليه المصنّف والشّارح. وذهب القاضي الباقلاني إلى أنّ وجه الإعجاز هو اجتماع
الفصاحة مع الأسلوب المخالف لأساليب كلام العرب من غير استقلال لأحدهما. وذهب
بعضهم إلى أنّه لاشتماله على الإخبار عن المغيبات. وذهب جماعة آخرون إلى أنّه
لسلامته عن التّناقض والاختلاف.
وكيف كان فلا
شكّ في كون القرآن معجزة من ناحية كونه مشتملا على الإخبار عن المغيبات ، وكذلك من
ناحية كونه في الطّبقة العلّيا من البلاغة والدّرجة القصوى من الفصاحة على ما
يعرفه فصحاء العرب بسليقتهم.
وأما سلامته عن
التّناقض أو مجرّد مخالفته لكلام العرب في الأسلوب فلم يثبت كونهما سببين للإعجاز
، لإمكان أن يكتب الإنسان كتابا لا يكون مشتملا على التّناقض أصلا أو يأتي بكلام
على أسلوب سورة قصيرة من القرآن ، كما نسب إلى مسيلمة الكذاب (الفيل ما الفيل وما
أدراك ما الفيل له ذنب وئيل وخرطوم طويل).
(٢) أي معرفة
إعجاز القرآن.
(٣) أي تصديق
النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
(٤) أي
الدّنيويّة والأخرويّة.
والحاصل إنّ
معرفة إعجاز القرآن وسيلة إلى تصديق النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في جميع ما جاء به من الأحكام الشّرعيّة اعتقاديّة كانت
أو فرعيّة. ثمّ تصديق النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وسيلة إلى الفوز والظّفر بالسّعادات والخيرات
الدّنيويّة والأخرويّة.
(٥) أي فيكون
هذا العلم من أجلّ العلوم.