يمكن أن يفرض لكلّ من جزأيه حدّ واحد مشترك ، ومرادهم من الحدّ المشترك ما تكون نسبته إلى الجزأين نسبة واحدة كالنّقطة بالقياس إلى جزأي الخطّ ، فإنّها إن اعتبرت بداية لأحد الجزأين يمكن اعتبارها بداية للجزء الآخر ، إن اعتبرت نهاية له يمكن أن نعتبر نهاية للآخر ، فليس لها خصوصيّة بالنّسبة إلى أحد الجزأين لم تكن هذه الخصوصيّة بالقياس إلى الجزء الآخر ، بل نسبتها إليهما على السّويّة ، فالكم المتّصل ما يوجد حدّ مشترك بين كلّ من جزأيه بخلاف الكمّ المنفصل كالعدد ، فإنّ العشرة إذا قسّمتها إلى ستّة وأربعة كان السّادس جزء من السّتّة داخلا وخارجا عن الأربعة ، فلم يكن ثمّة أمر مشترك بين قسمي العشرة ، وهما السّتّة والأربعة ، إذ الأمر المشترك لا بدّ أن تكون نسبته إلى كلّ من الجزأين على حدّ سواء وليس السّادس كذلك ، فإنّه جزء من السّتّة وخارج من الأربعة ، كما أنّ الرابع على عكسه. فلا يوجد الحدّ المشترك في الكمّ المنفصل.
وقسّموا الكمّ المتّصل إلى قارّ الذّاتّ ، وغير قارّ الذّاتّ ، والأوّل ما تكون أجزاؤه مجتمعة في الوجود ، والثّاني ما لا تكون أجزاؤه مجتمعة في الوجود كاليوم والشّهر والسّنة ، والأوّل كالسّطح والجسم التّعليمي والخطّ ، ثمّ السّطح : ما يقبل القسمة في الجهتين أعني الطّول والعرض ، والجسم التّعليمي : ما يقبل القسمة في الجهات الثّلاث أعني الطّول والعرض والعمق ، والخطّ : ما يقبل القسمة في الجهة الواحدة أعني الطّول.
وعرّفوا العرض النّسبي بأنّه عرض يتوقّف تصوّره على تصوّر غيره ، ثمّ قسّموه إلى أقسام سبعة :
الأوّل : الوضع ، وعرّفوه بأنّه هيئة تعرض للجسم باعتبار نسبتين : نسبة تقع بين أجزائه بعضها إلى بعض ونسبة أخرى تقع بين أجزائه وأشياء خارجة عن ذلك الجسم أو داخلة فيه ، كالقيام فإنّه هيئة للإنسان بحسب نسبته بين أجزائه من الرّأس والرّقبة والصّدر وغيرها حيث إنّ الأوّل فوق الثّاني ، والثّاني فوق الثّالث ، وهكذا وبحسب كون رأسه من فوق ورجله من تحت.
الثّاني : الملك ، ويسمّى الجدة أيضا وعرّفوه بأنّه هيئة تحصل بسبب نسبة الشّيء إلى ملاصق يحيط به إحاطة ما وينتقل بانتقاله كالتّعمّم والتّقمّص.