اشترط في المسند أن يكون فعلا أو في معناه ، فيكون مفردا وكلّ مفرد مستعمل (١) ، إمّا حقيقة أو مجاز [وهو] أي المجاز العقليّ [في القرآن كثير (٢)] أي كثير في نفسه لا بالإضافة إلى مقابله حتّى تكون الحقيقة العقليّة قليلة (٣) ، وتقديم في القرآن على كثير لمجرّد الاهتمام (٤) ، كقوله تعالى : (وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ)(١) أي آيات الله تعالى (زادَتْهُمْ إِيماناً) (٥) أسند الزّيادة وهي فعل الله تعالى إلى الآيات لكونها (٦) سببا (يُذَبِّحُ
______________________________________________________
(١) قيّد بذلك ، لأنّ اللّفظ قبل الاستعمال لا يسمّى حقيقة ولا مجازا ، فإنّهم قد عرّفوا الحقيقة باللّفظ المستعمل فيما وضع له ، والمجاز باللّفظ المستعمل في غيره ، فالاستعمال مأخوذ في كلّ منهما ، فكلّ مفرد مستعمل إمّا حقيقة أو مجاز.
(٢) هذا ردّ على من زعم أنّ المجاز العقليّ كاللّغويّ لا يمكن أن يقع في القرآن لإيهام المجاز الكذب ، والقرآن منزّه منه.
وحاصل الرّدّ : إنّ المجاز العقليّ واقع في القرآن كثيرا ، فبعد الوقوع لا وجه لإنكار الإمكان ، وأمّا دعوى الإيهام المذكور فلا أساس لها ، إذ مع القرينة ليس من الإيهام عين ولا أثر.
(٣) أي بالإضافة إلى المجاز العقليّ.
(٤) أي لمجرّد الاهتمام المجرّد عن التّخصيص ، فلا يفيد التّخصيص حتّى يلزم اختصاص كثرته بالقرآن دون السّنّة ، وكلام العرب مع أنّه كثير في القرآن وغيره أو الاهتمام لكونه محلّ النّزاع وأنّ هذا الكلام ردّ على من زعم عدم وجود المجاز العقليّ في القرآن كما عرفت.
(٥) أي زادت الآيات المؤمنين إيمانا.
(٦) أي لكون الآيات سببا لازدياد إيمان المؤمنين ، فيكون إسناد الضّمير الرّاجع إلى الآيات مجازا عقليّا ، فلا مجال حينئذ لإنكار وقوع المجاز العقليّ في القرآن ، إذ أقوى الدّليل على الإمكان هو الوقوع.
__________________
(١) سورة الأنفال : ٣.