[الفصاحة] وهي في الأصل (١) تنبئ عن الإبانة والظهور (٢) [يوصف بها المفرد]
______________________________________________________
الأولى على ألفاظ تدلّ عليها إذا كانت مذكورة في وسط الكتاب أو آخره ، وفي المقام كلام طويل تركناه رعاية للاختصار.
(١) أي في اللّغة.
(٢) قوله : «والظّهور» عطف تفسيريّ على الإبانة فهما بمعنى واحد.
توضيح كلام الشّارح في معنى الفصاحة حيث قال : «هي في الأصل تنبئ عن الإبانة والظّهور» ولم يقل هي في الأصل الإبانة والظّهور. لأنّه لمّا كان الواقع ـ في كتب اللّغة ذكر معان متعدّدة مختلفة مفهوما ومتّحدة مآلا للفصاحة وكلّها تدلّ على معنى الظّهور والإبانة دلالة التزاميّة ولم يظهر للشّارح الامتياز بين ما هو من المعاني الحقيقيّة ، وما هو من المعاني المجازيّة ، لما وقع في ذلك من الاختلاف والاشتباه ـ أتى في بيانها بما يجمع معانيها الحقيقيّة والمجازيّة وهو الإنباء عن الظّهور والإبانة.
ثمّ المراد بالإنباء الدّلالة أعمّ من أن تكون بطريق المطابقة أو التضمّن أو الالتزام. فإن كانت الفصاحة موضوعة للظّهور والإبانة كان إنباؤها عنهما مطابقة ، أو لهما ولغيرهما كان تضمّنا ، أو لشيء يلزمه الظّهور والإبانة كخلوص اللّغة وانطلاق اللّسان كان التزاما ، فهذا هو الوجه لقول الشّارح حيث قال : «وهي في الأصل تنبئ عن الإبانة والظّهور» دون أن يقول هي الإبانة والظّهور.
ثمّ بيان معاني الفصاحة في اللّغة وقد أطلقت فيها على معان كثيرة :
منها : نزع الرّغوة من اللّبن أي قلع ما يعلوه منه.
ومنها : ذهاب اللّباء من اللّبن أي ما يتكوّن عند الولادة في الثّدي من اللّبن وانفصاله منه ، قال في الأساس : إنّ هذين المعنيين حقيقيان.
ومنها : معان ذكرها صاحب الأساس والتزم بكونها من المعاني المجازيّة ، حيث قال : ومن المجاز : سرينا حتّى أفصح الصّبح ، أي بدا ضوؤه ، وهذا يوم مفصح ، أي لا غيم فيه ، وجاء فصح النّصارى ، أي عيدهم ، وأفصح الأعجمي ، أي تكلّم بالعربيّة ، وفصح الأعجميّ ، أي انطلق لسانه وخلصت لغته عن اللّكنة ، وأفصح الصّبي في منطقه ، أي فهم ما يقول في أوّل ما يتكلّم.