عن ساحة عزّ الحضور والخطاب منزلة بعد المسافة ولفظ ذلك (١) صالح للإشارة إلى كلّ غائب عينا كان أو معنى (٢) وكثيرا ما يذكر المعنى الحاضر المتقدّم بلفظ ذلك ، لأنّ المعنى غير مدرك بالحسّ (٣) ، فكأنّه بعيد (٤) [أو للتّنبيه (٥)] أي تعريف المسند إليه بالإشارة للتّنبيه (٦) [عند تعقيب المشار إليه بأوصاف (٧)]
______________________________________________________
«الحضور» من قبيل إضافة الصّفة إلى الموصوف ، أي حضور عزّ.
(١) أراد الشّارح أن يبيّن في المقام أنّ استعمال لفظ ذلك ، وهذا في الغائب أو الغير المحسوس مجاز ، فاسم الإشارة «صالح للإشارة إلى كلّ غائب» عن حسّ البصر على سبيل المجاز ، لأنّ أصل أسماء الإشارة وضعت كي يشار بها إلى محسوس مشاهد فخرجت المعقولات وما يحسّ بغير البصر.
(٢) أي مشاهدا كان ذلك الغائب إذا حضر كقولك : جاءني رجل ، فقال لي ذلك الرّجل كذا ، أو غير مشاهد ، كقولك : قال لي رجل كذا ، ثمّ فسّر ذلك القول ، وتلك الصّلاحية مشروطة بشرط أشار إليه بقوله : «وكثيرا ما يذكر المعنى الحاضر المتقدّم» فالشّرط هو تقدّم ذكر المشار إليه كما عرفت في المثالين المذكورين.
(٣) أي حسّ البصر ، وصرّح الشّارح بذلك الشّرط في المطوّل ، فراجع.
(٤) لا ينافي ذلك قوله : «المعنى الحاضر» لأنّ المراد بالمعنى ما يقوم بالغير وهو صادق على البعيد لعدم إدراك كليهما بحاسّة البصر.
(٥) أعاد الجارّ حيث قال : «للتّنبيه» ولم يقل : أو التّنبيه ، للبعد الفاصل بينه وبين قوله : «لتميّزه».
(٦) أي لتنبيه المتكلّم المخاطب.
(٧) المراد من «الأوصاف» الأوصاف اللّغوية لا خصوص النّحويّة ، وجه التّنبيه : أنّ ظاهر المقام إيراد المضمر لتقدّم الذّكر ، وقد عدل عنه إلى اسم الإشارة بناء على أنّ ذلك الموصوف قد تميّز بتلك الأوصاف تمييزا تامّا ، فصار كأنّه مشاهد ، ففي اسم الإشارة إشعار بالموصوف من حيث هو موصوف ، كأنّه قيل أولئك الموصوفون بتلك الصّفات على هدى ، فيكون من قبيل ترتيب الحكم على الوصف المناسب الدّالّ على الغلبة بخلاف الضّمير ، فإنّه يدلّ على ذات الموصوف ، وليس فيه إشارة إلى الصّفات ، وإن كان متّصفا بها ، والفرق بين الاتّصاف بحسب نفس الأمر وملاحظة الاتّصاف في العبارة غير خفيّ.