أي نوع من الأغطية (١) وهو غطاء التّعامي عن آيات الله تعالى. وفي المفتاح أنّه (٢) للتّعظيم أي غشاوة عظيمة [أو التّعظيم أو التّحقير (٣) كقوله (٤) : له حاجب] أي مانع عظيم [في كلّ أمر يشينه] أي يعيبه [وليس له عن طالب العرف (٥) حاجب] أي مانع
______________________________________________________
(١) غير ما يتعارفه النّاس لأنّ الأغطية المتعارفة عند النّاس من الحرير والدّيباج ، وسائر الأجناس المانعة عن رؤية ما ورائها وأمّا الغطاء الّذي على أبصارهم ، فهو غطاء التّعامي عن آيات الله ، ولذا قيل : (وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها).
وكيف كان فليس المراد فرد من أفراد العشاوة ، لأنّ الفرد الواحد لا يقوم بالأبصار المتعدّدة ، بل المراد نوع من جنس الغشاوة ، وذلك النّوع ، هو غطاء التّعامي ، هذا ما في الكشّاف.
(٢) أي تنكير (غِشاوَةٌ) للتّعظيم ، أي غشاوة عظيمة تحجب أبصارهم ، ويمكن أن يقال : إنّه لا تنافي بين كلام المصنّف والمفتاح ، لأنّ الغشاوة العظيمة نوع من مطلق الغشاوة ، فمراد المصنّف بقوله : نحو : (وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ) أي نوع من الغشاوة ، هو الغشاوة العظيمة ، وذلك النّوع هو غطاء التّعامي ، وإضافة ال «غطاء» إلى «التّعامي» بيانيّة.
(٣) أي يذكر المسند إليه نكرة لإفادة تعظيم معناه أو تحقيره ، وأنّه بلغ في ارتفاع شأنه ، أو في الانحطاط مبلغا لا يمكن أن يعرف لعدم الوقوف على عظمته في الأوّل ، ولعدم الاعتداد به في الثّاني.
(٤) أي قول ابن أبي السّمط «له حاجب» أي الممدوح مانع ، والمراد بالحاجب هي النّفس الإنسانيّة الّتي هي لطيفة ربّانيّة ، وبالعناية الإلهيّة صارت مائلة إلى التّطهير ، فتمنع من أجل ذلك من كلّ ما يشينه أي يعيبه «أي مانع عظيم» إشارة إلى كون التّنكير للتّعظيم هنا ، وللتّحقير فيما سيأتي ، وذلك بالقرينة المقاميّة حيث إنّ المقام مقام المدح والمناسب له في حاجب الأوّل حمل تنكيره على التّعظيم ، وفي حاجب الثّاني حمل تنكيره على التّحقير.
ومعنى البيت أنّ الممدوح إذا أراد أن يرتكب أمرا قبيحا منعه مانع عظيم بلغ في العظمة إلى مكان لا يمكن تعيينه وتحديده ، وإذا طلب منه إنسان معروفا وإحسانا لم يكن له مانع حقير فضلا عن العظيم يمنعه من الإحسان فهو في غاية الكمال.
(٥) أي الإحسان.