الجائرين وظلم المعتدين المتجبرين ، وأورثها أولاده وأحفاده فكان السعد حليفهم ، والتوفيق قرينهم ... حتى جاءت النوبة إلى السلطان السعيد محمود غازان ، وهذا كان نصير الإسلامية ، ومدمّر الأصنام والداعي إلى الله تعالى ، فهو إبراهيم المسلمين الثاني ... وكان في الأعصر الماضية علماء وحكماء يؤرخون معظمات الوقائع خيرها وشرها في كل زمان حتى يعتبر بها أولادهم وعقبهم ويعالجوا أحوال الأدوار في القرون الماضية ، ويذكروا السلاطين ، ويبقى ذكرهم مخلدا على صفحات الأيام والليالي في بطون الأوراق ... (وذكر العتبي بين هؤلاء وبيّن) أن المؤرخين أكبر الداعين ، وأجود الناصحين لدول السلاطين ... وقال :
وحيث إن الأقوام الموسومين باسم الترك مقامهم وسكنهم في البلاد البعيدة التي طولها وعرضها من ابتداء طرف ماء جيحون وسيحون إلى انتهاء حدود بلاد الشرق وانتهاء صحراء قبجاق إلى غاية نواحي جورجية والختاي ، يسكنون الجبال والوهاد والآجام ، ولم يعتادوا السكنى في القرى والبلاد ... ولم يكن في تواريخ المتقدمين من أحوالهم ذكر مستوفى ... قد ورد في بعض الكتب شيء يسير من ذكرهم ولم يجدوا من أرباب الحقيقة أحدا يتحققوا أحوال أخبارهم ويتفحصوا من آثارهم وحكاياتهم كما ينبغي مشروحا مبسوطا ، مع أن الاتراك والمغول وشعبهم يتشابهون ولغتهم في الأصل واحدة ، وأن المغول صنف من الأتراك ، وبينهم تفاوت كثير واختلاف كما سنشرحه في مواضعه ... وهذا الاختلاف إنما وقع بسبب أن تواريخهم المحققة لم تقع في هذه الديار. ولما انتهت نوبة الخانية إلى سلطان العالم (لم يذكر اسمه وإنما هناك بياض يريد أن يكتبه بمداد أحمر وهو جنگيزخان) وأولاده العظام وأخلافه فانقاد لهم أهل الممالك ...
وقد أورد بعض علماء العصر وأكابر الدهر في سوابق الأيام شيئا من ذكر أحوال تسخير الممالك وفتح البلاد والبقاع ... خلاف