يفعل بهم أو يراد ... يسومهم الملوك والأمراء سوء العذاب يذبحون ابناءهم ويستحيون نساءهم ... ولا بلاء أكبر من هذا ...
ويتبادر إلى الذهن أن تبديل الإدارة إلى الترك أو استبدالها بهم كان غير صواب والأمر لم يكن كذلك وإنما كان تدبيرا صالحا إلا أن هذا العنصر ترك وشأنه ومال الخلفاء إلى الانهماك بالملذات وتسليم الإدارة إلى الخدم والحشم من هؤلاء ... دون علم بما ستصير إليه الحالة فساق ذلك إلى نتائج مؤلمة وإلا فلم يعوز حل ولم يعص تدبير لو كانت الادارة استمرت على رشدها ويقظتها ... واللوم في التدبير الأول فإنه الذي ساق إلى الانهماك في الملاذ النفسية أي أن القوم لم يعلموا بما ستجري عليه الحالة وأن الملوك لم تطرد فيهم المزايا ... وكان الأولى أن يقووا العنصر العربي ويعتمدوا عليه ولكنهم كانوا حاربوه للقضاء على الأموية فلم يعد لهم أمان منه فكأنه عدو ألد لا يصير يوما صاحبا وحبيبا ... وكانوا يخشون أن يتقدم قائد عربي خوفا أن ينتزع السلطة ، أو يشمخ عليهم بأنفه ولم يروا متسعا من الوقت إلى أن يفكروا في الذي أمنوا منه أو اطمأنوا به ونالوا الانتصار به على عدوهم أنه سيعاديهم يوما ما ، أو ينازعهم السلطة والإدارة ... وهذا من نقص التدبير فكانوا محل العبرة والاستبصار ، وحديثا لمن بعدهم وخير مزدجر للملوك أمثالهم ... نعم إن الأقوام الأخرى من العناصر السائرة ممن جعلوهم آلة لتدمير عدو ... ملتفة حولهم لا يتحاشون من تقبيل الأقدام ، وإبداء كل ذل وخضوع للتوصل إلى الإدارة أو الدخول في الخدمة من أي فرجة وجدت ... مما لا يأتلف والنفس العربية الشماء ، والروح الأبية المجبولة على الحرية ، والنفسية الكاملة لا الذليلة المقهورة ...
والحاصل أن التنازع صار أخيرا وبعد انعزال العرب عن الإدارة بين العناصر غير العربية ، وأهين الشعب العربي ولكنه لم يستكن لهذه