مِنَ السَّماءِ ماءً ، فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً)(١) [الحج : ٦٣] ، ونحو «جاء زيد يضحك فيغضب أخوك» ، و «مررت برجل يضحك فيغضب زيد».
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
بعضا بحتّى اعطف على كلّ ولا |
|
يكون إلّا غاية الّذي تلا |
لا يعطف بـ «حتّى» إلّا ما كان بعضا ممّا قبلها ، نحو «قدم الجيش حتّى أمراؤهم» ، أو كبعضه ، نحو «وصل الأمراء حتّى ثقلهم» ، ويمتحن ذلك بصحّة استثنائه ممّا قبلها بـ «إلّا» ، ولا يكون إلّا غاية لما قبلها (٢) : إمّا في القوّة ، وإما في الضّعف ، نحو :
١٧٧ ـ قهرناكم حتّى الكماة فأنتم |
|
تهابوننا (٤) حتّى بنينا الأصاغرا |
وإمّا (٥) في الشّرف ، نحو «مات النّاس حتّى الأنبياء» ، وإمّا في الخسّة (٦) ، نحو «مات النّاس (٧) حتّى الحجّامون» (٨).
__________________
(١) فجملة «تصبح الأرض» بالرفع معطوفة على جملة «أنزل» الواقعة خبر «أن» ، وكان القياس أن لا يصح العطف لخلوها من ضمير يعود على اسم «أن» ، إذ المعطوفة على الخبر خبر ، ولكنها لما قرنت بالفاء ساغ ذلك. انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ١٣٩.
(٢) في الأصل : قبله.
١٧٧ ـ من الطويل ، ولم أعثر على قائله ، ويروى :
قهرناكم حتّى الكماة فكلّكم |
|
يحاذرنا حتّى بنونا الأصاغر |
ويروى : «لتخشوننا» بدل «تهابوننا». والكماة : جمع كمي وهو الشجاع المتكمي في سلاحه ، لأنه من كمى نفسه أي : سترها بالدرع والبيضة. والشاهد في قوله : «حتى الكماة» حيث عطفت «حتى» ما كان غاية لما قبله في القوة ، وفي قوله : «حتى بنينا الأصاغرا» حيث عطفت «حتى» ما كان غاية لما قبله في الضعف.
انظر شرح الأشموني : ٣ / ٩٧ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٢١٠ ، تذكرة النحاة : ٤٧ ، شرح قواعد الإعراب للأزهري : ٧٧ ، ارتشاف الضرب : ٢ / ٦٤٧ ، شرح الألفية للشاطبي (رسالة دكتوراه) : ١ / ٣٠٢ ، الهمع (رقم) : ١٦٣٩ ، الدرر اللوامع : ٢ / ١٨٨ ، مغني اللبيب (رقم) : ٢٠٤ ، أبيات المغني : ٣ / ١٠٧ ، الجنى الداني : ٥٤٩ ، شواهد المغني : ١ / ٣٧٣.
(٣) في الأصل : تهابونا. انظر المصادر الآتية.
(٤) في الأصل : وا.
(٥) في الأصل : الحسنة.
(٦) في الأصل : النا.
(٧) و «حتى» بالنسبة إلى الترتيب كالواو ، خلافا لمن زعم أنها للترتيب كالزمخشري. وإذا عطف بـ «حتى» على مجرور : قال ابن عصفور : الأحسن إعادة الخافض ليقع الفرق بين العاطفة والجارة ، وقال ابن الخباز : لزم إعادة الجار للفرق ، وقال ابن مالك في التسهيل : لزم إعادة الجار ما لم يتعين العطف. وقد أنكر الكوفيون العطف بـ «حتى» ويحملون نحو «جاء القوم