ولا على التّعقيب والمهلة (١) : تعاقبهما (٢) في نحو (ثُمَّ خَلَقْنَا)(٣) النُّطْفَةَ عَلَقَةً ، فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً [المؤمنون : ١٤] ، مع قوله : (فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ، ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ، ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ) [الحج : ٥] ، لأنّ العطف بالفاء تعقيب لآخر الطّور ، والعطف بثمّ التفات إلى أوّل الطّور.
ثمّ قال رحمهالله تعالى / :
واخصص بفاء عطف ما ليس صله |
|
على الّذي استقرّ أنّه الصّله |
تختصّ الفاء بأنّها تعطف على صلة الموصول ما لا (٤) يصحّ جعله صلة ، لخلوّه من العائد ، نحو «الّذي يطير فيغضب زيد الذباب» (٥) ، وعكسه (٦) نحو «الذي يقوم أخواك فيغضب هو زيد» (٧).
ولا يختصّ ذلك بالعطف على الصّلة ، بل يجيء مثله في العطف على كلّ جملة افتقرت (٨) إلى رابط ، كالخبر والحال والصّفة ، نحو (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ
__________________
(١) في الأصل : والترتيب.
(٢) تقدم آنفا أن ابن مالك ذكر في التسهيل أن الفاء قد تقع موقع «ثم» ، و «ثم» قد تقع موقع الفاء.
(٣) في الأصل : فخلقنا.
(٤) في الأصل : ومالا.
(٥) فـ «الذي» اسم موصول مبتدأ ، وجملة «يطير» لا محل لها من الإعراب صلة «الذي» ، والرابط فاعل «يطير» ، والفاء في «فيغضب» عاطفة ، و «زيد» فاعل «يغضب» ، والجملة معطوفة على جملة الصلة لعدم الرابط ، وسوغ ذلك العطف بالفاء لأن فيها معنى السببية ، وأن ما بعدها مسبب عما قبلها ، وما قبلها سبب فيما بعدها ، فلذا عدوها من الروابط ، و «الذباب» آخرا خبر. انظر المكودي مع ابن حمدون : ٢ / ٢١ ـ ٢٢ ، حاشية الخضري : ٢ / ٦٢.
(٦) وهو عطف ما يصح أن يكون صلة على ما لا يصح جعله صلة لخلوه من العائد.
(٧) في الأصل : «الذي يطير فيغضب زيد الذباب» ، و «الذي يقوم أخوك فيغضب زيد». راجع التصريح : ٢ / ٣٩. فـ «الذي» مبتدأ ، و «يقوم أخواك» جملة فعلية صلة الذي ، وهي لا تصلح أن تكون صلة لخلوها عن ضمير عائد على الموصول ، والذي سوغ ذلك عطف جملة «يغضب هو» عليها لاشتمالها على العائد إلى الموصول ، وهو الضمير المرفوع لـ «يغضب» و «هو» فاعل «يغضب» ، ونكتة الإبراز دفع توهم كون «زيد» فاعلا لـ «يغضب» فيختل التركيب لعدم الضمير حينئذ في كل من الجملتين ، لا كون الفعل جرى على غير من هو له ، كما قيل ، لأنه ممنوع ، بل هو جار على من هو له ، ويحتمل : أن الفاعل ضمير مستتر في «يغضب» و «هو» توكيد له ، ويحتمل : أنه ضمير منفصل مبتدأ خبره «زيد» ، والجملة خبر الموصول ، ويحتمل : أنه ضمير فصل لا محل له من الإعراب.
انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ١٣٩ ، حاشية الصبان : ٣ / ٩٦.
(٨) في الأصل : افترقت.