ثمّ قال رحمه الله تعالى :
وإن يقدّم مشعر به كفى |
|
كالعلم نعم المقتنى والمقتفى |
يحذف المخصوص بالمدح كثيرا ، لتقدّم ما يدلّ عليه ، نحو (نِعْمَ الْعَبْدُ) [ص : ٤٤] بعد قوله : (عَبْدَنا أَيُّوبَ) [ص : ٤١] ، و (بِئْسَ الشَّرابُ) [الكهف : ٢٩] بعد قوله : (يُغاثُوا / بِماءٍ كَالْمُهْلِ) [الكهف : ٢٩].
وليس منه ما مثّل به النّاظم من قولهم : «العلم نعم المقتنى» ، لأنه من باب تقديم المخصوص ـ كما سبق مثله ـ لا من باب حذفه (١).
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
واجعل كبئس ساء واجعل فعلا |
|
من ذي ثلاثة كنعم مسجلا |
«ساء» بمنزلة «بئس» في دلالتها على الذّمّ ، وعدم تصرّفها ، واقتضائها فاعلا كفاعلها ، ومخصوصا ، ومن استعمالها قوله تعالى : (ساءَتْ مُسْتَقَرًّا) [الفرقان : ٦٦] ، وفاعلها مستتر مفسّر بالتّمييز ، والمخصوص محذوف للعلم به.
ويستعمل من كلّ فعل ثلاثيّ «فعل» ـ بضمّ العين ـ سواء كان مبنيّا على ذلك كـ «ظرف ، وشرف» ، أو محوّلا إليه كـ «فهم ، وفقه» استعمال «نعم» في الدّلالة على المدح ، واقتضاء فاعل كفاعلها ، ومخصوص بالمدح ، نحو «فقه الرّجل زيد» ، و (حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) [النساء : ٦٩].
ولا يختصّ ذلك بالمدح ـ كما يقتضيه كلام المصنّف (٢) ـ ، بل يستعمل في الذّمّ أيضا كـ «خبث الرّجل زيد».
__________________
المخصوص بدل من الفاعل. ورد : بأنه لازم وليس البدل بلازم ، وبأنه لا يصح لمباشرة «نعم».
انظر شرح المرادي : ٣ / ١٠٠ ـ ١٠١ ، شرح الأشموني : ٣ / ٣٧ ، الهمع : ٥ / ٤١ ، التبصرة والتذكرة : ١ / ٢٧٥ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٩٧ ، ابن عقيل مع الخضري : ٢ / ٤٤ ، شرح ابن عصفور : ١ / ٦٠٣ ، الفوائد الضيائية : ٢ / ٣١٥ ، شرح الرضي : ٢ / ٣١٨ ، شرح الكافية لابن مالك : ٢ / ١١١٠.
(١) قال الأزهري : هذا إذا رفعنا «العلم» على الابتداء ، أما إذا جعلناه خبرا لمبتدأ محذوف تقديره : هذا العلم ، على حد(سُورَةٌ أَنْزَلْناها) أي : هذه سورة ، أو مفعولا لفعل محذوف تقديره : الزم العلم ونحوه ، فيكون من الحذف لا من التقديم ، كما ذكر الناظم.
انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ٩٧ ، أوضح المسالك : ١٧٢ ، شرح المرادي : ٣ / ١٠٣ ـ ١٠٤ ، حاشية الخضري : ٢ / ٤٤.
(٢) قال ابن مالك في التسهيل (١٢٨): «وتلحق «ساء» بـ «بئس» وبها وب «نعم» «فعل» موضوعا أو محولا من «فعل» أو «فعل» مضمنا تعجبا». انتهى.