ثمّ قال رحمهالله تعالى :
والعلم احكينّه من بعد من |
|
إن عريت من عاطف بها اقترن |
هذا إشارة إلى النّوع الثّالث من الحكاية ، يعني : أنّ العلم إذا سئل عنه بـ «من» حكي إعرابه بعدها ، فتقول لمن قال : «قام زيد : («من زيد») (١) و «رأيت زيدا» : «من زيدا» ، و «مررت بزيد» ، («من زيد») (٢) برفع (٣) الأوّل ، ونصب الثّاني ، وجرّ الثّالث ، وذلك بشرط / أن لا يدخل على «من» حرف عطف ، وإليه أشار بقوله :
إن عريت من عاطف بها اقترن
فإذا قيل : «رأيت زيدا ، ومررت بزيد» (٤) ، قلت : «ومن زيد» بالرّفع فيهما ، لدخول حرف العطف (٥) على «من».
وقوله : «احكينّه» يريد : جوازا ، فإنّ فيه لغتين :
ـ لغة أهل الحجاز الحكاية (٦).
ـ ولغة بني تميم الرّفع (٧).
__________________
(١ ـ ٢) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١١٨.
(٣) في الأصل : ييرفع. انظر شرح المكودي : ٢ / ١١٨.
(٤) قال ابن حمدون في حاشيته (٢ / ١١٨) : الواو في «ومررت» بمعنى : «أو» لأن كلا منهما تركيب مستقل. انتهى.
(٥) أي : صورة ، لأنه للاستئناف كما قال بعضهم. قاله الصبان. وقال الرضي : إنه عطف على كلام المخاطب ، ويلزم عليه عطف الإنشاء على الخبر إذا كان كلام المخاطب خبرا كـ «رأيت زيدا». انظر حاشية الصبان : ٤ / ٩١ ، حاشية الخضري : ٢ / ١١٤ ، شرح الرضي : ٢ / ٦٤.
(٦) وهي إحدى لغتين عندهم ، لأنهم لا يلتزمون الحكاية بل يجوزون الحكاية والإعراب ، بل يرجحون الإعراب ، كما قال الصبان. وعلى الحكاية فالرفع مقدر ، لأن الواقع بعد «من» مبتدأ خبره «من» ، أو خبر مبتدؤه «من».
انظر الأشموني مع الصبان : ٤ / ٩١ ، شرح المرادي : ٤ / ٣٤٦ ، الكتاب : ١ / ٤٠٣ ، شرح الكافية لابن مالك : ٢ / ١٧١٩ ، المكودي مع ابن حمدون : ٢ / ١١٩ ، الهمع : ٥ / ٣٢٣ ـ ٣٢٤ ، شرح الرضي : ٢ / ٦٣ ، ابن عقيل مع الخضري : ٢ / ١٤٤.
(٧) أي : يجيئون بالعلم المسؤول عنه بعد «من» مرفوعا في الأحوال الثلاثة لأنه مبتدأ خبره «من» ، أو خبر مبتدؤه «من» ، قال سيبويه : وهو أقيس الوجهين.
انظر شرح الأشموني : ٤ / ٩١ ، شرح المرادي : ٤ / ٣٤٥ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٢٨٥ ، الكتاب : ١ / ٤٠٣ ، الهمع : ٥ / ٣٢٤ ، شرح الرضي : ٢ / ٦٤ ، حاشية الخضري : ٢ / ١٤٤.