إلى غير ذلك من الأخبار التي يستفاد منها دوران الحرمة مدار وصف الإسكار ، وبعضها كالصريح في عدم الفرق بين أنحاء النبيذ من المطبوخ وغيره في إناطة حرمته بالمسكريّة ، فلو سلّم ظهور الأخبار المتقدّمة في الحرمة ، فالمتعيّن تأويلها بما لا ينافي هذه الأخبار.
نعم ، رواية زيد (١) كادت تكون صريحة في سببيّة الغليان من حيث هو للحرمة.
لكنّك عرفت قصورها من حيث السند ، فضلا عن صلاحيّتها لمعارضة هذه الأخبار.
وأمّا ما في غير واحد من الأخبار من إطلاق النهي عن شرب النبيذ فالمراد به هو النبيذ المسكر الذي كان متعارفا شربه في تلك الأزمنة ، كما أنّ ما في موثّقة سماعة من المنع من طبخ التمر والزبيب للنبيذ مطلقا لم يكن إلّا بلحاظ صيرورته مسكرا ، كما يشهد لذلك ذيلها :
قال : سألته عن التمر والزبيب يطبخان للنبيذ ، فقال : «لا» وقال : «كلّ مسكر حرام» وقال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : كلّ ما أسكر كثيره فقليله حرام ، وقال : لا يصلح في النبيذ الخميرة ، وهي العكر» (٢).
فهذه الموثّقة أيضا ـ كغيرها من الأخبار المتقدّمة ـ تدلّ على انحصار سبب الحرمة في الإسكار.
__________________
(١) أي رواية زيد النرسي ، المتقدّمة في ص ٢١٠.
(٢) الكافي ٦ : ٤٠٩ / ٨ ، الوسائل ، الباب ١٧ من أبواب الأشربة المحرّمة ، ح ٥.