قيمته كل مشتغل بهذا العلم ، بما اشتمل عليه من تحقيق لمسائله واستيعاب
لأهم قواعده ، حتى أصبح في مقدمة المراجع لهذا العلم ؛
وهو كتاب : «شرح
الرضي على كافية ابن الحاجب» ، الذي تجلّى فيه جهد اثنين من أبرز العلماء وأشهرهم
، عاشا معا في القرن السابع الهجري وسبق أحدهما الآخر بما يقل عن نصف قرن من
الزمان ؛
أما أحدهما ،
وهو أسبقهما ، فهو الإمام العالم الحجة : أبو عمر : عثمان بن عمر الكردي المعروف
بابن الحاجب ، المتوفي سنة ٦٤٦ ه ، وهو من أصل كردي ، نشأ بمصر لأن أباه كان
حاجبا لأحد أمرائها فاشتهر بابن الحاجب ،
وقد نبغ في
كثير من العلوم العربية والإسلامية ومنها علم النحو ؛ فألف فيه رسالة موجزة ، اشتهرت
باسم «الكافية» ، وهي على اختصارها وشدة وجارتها ، جمعت أهمّ مسائل النحو ، وحوت
جلّ مقاصده ، وقد تسابق العلماء من بعد ابن الحاجب ، إلى شرح هذه الرسالة وتوضيح
مجملها ومن شروحها شرح لمؤلفها نفسه ، وقد نقل عنه كثير ممن ألفوا في النحو بعد
ذلك.
وأما ثانيهما فهو
العلامة المحقق : «رضىّ الدين : محمد بن الحسن الأستراباذي المتوفى سنة ٦٨٨ ه ،
وهو من «استراباذ» إحدى قرى «طبرستان» ؛
وقد عاش حياته
بين العراق والمدينة المنورة ، وقد علم برسالة ابن الحاجب هذه وشرح مؤلفها لها ،
فبادر هو إلى شرحها في هذا الكتاب الذي نتحدث عنه ؛
«كما أن لابن
الحاجب رسالة صغيرة ثانية في الصرف ، اسمها «الشافية» شرحها الرضى كذلك شرحا وافيا
، وهي كذلك تعتبر من أهم مراجع علم الصرف وهي مطبوعة طبعا حديثا في مصر» ؛
وجاء في مقدمة
الرضى لشرحه على الكافية أنه فعل ذلك استجابة لرغبة من أحد الذين قرأوا عليه هذه
الرسالة ، ويقول انه أراد أن يعلّق عليها ما يشبه الشرح ، ثم اقتضى الحال بعد
الشروع أن يتجاوز الأصول إلى الفروع ؛