بعض المواضع أحد المعنيين الملتبسين ، كما في قولك : ما بالله حاجة فيظلمك (١) ، على ما يجيء في قسم الأفعال ، فاعتبر ذلك الكوفيون ، وقالوا إعراب المضارع أصلي ، لا بمشابهته للاسم ، خلافا للبصريين على ما يجيء في بابه.
فظهر بهذا التقرير أن الأصل في الاعراب : الأسماء دون الأفعال والحروف ، وأن أصل كل اسم أن يكون معربا.
فإن قيل : كيف حكم بذلك ، وأصل الأسماء الإفراد ، وهي في حالة الإفراد غير مستحقة للاعراب ، كما تقدم في الأسماء المعدّدة؟.
قلت : انما حكم بذلك لأن الواضع لم يضع الأسماء إلا لتستعمل في الكلام مركبة ، فاستعمالها مفردة مخالف لنظر الواضع ، فبناء المفردات وإن كانت أصولا للمركبات عارض لها لكون استعمالها مفردة عارضا لها غير وضعي!
وقد خرج من عموم قولهم : أصل الأسماء الإعراب صنفان منها :
أحدهما أسماء الأصوات ، كنخ ، وجه ، ودج ، وده (٢) ؛ لأن الواضع لم يضعها إلا لتستعمل مفردة ، لأنها لم تكن في الأصل كلمات ، كما يجيء في بابها ، والثاني أسماء حروف التهجي ، لأنها كالحكاية لحروف التهجي التي ليست بكلم ، ومن ثمّ كانت أوائلها تلك الحروف المحكية ، إلّا لفظة «لا» ، فإنهم لما لم يمكنهم النطق بالألف الساكنة ، توصلوا إليه باللام المتحركة ، كما توصلوا إلى النطق بلام التعريف الساكنة بالألف المتحركة أعني الهمزة.
وأما «ألف» فهو اسم الهمزة لأن أوله الهمزة ، فينبغي أن تقول : «لا» ولا تقول :
__________________
(١) يأتي في نواصب المضارع أن الفعل المضارع الواقع بعد الفاء في جواب النفي يحتمل أكثر من معنى ، ومن هنا قال الكوفيون انه تتعاقب عليه المعاني المختلفة المقتضية للإعراب كالاسم.
(٢) تقدم أن : نخ صوت لإناخة الإبل ، ودج صوت يزجر به الدجاج. وأما جه وده ، فهما لزجر الإبل ، وستأتي هذه الكلمات موضحة المعاني في باب أسماء الأصوات ،