وأما على مذهب المبرد فينبغي ألّا يجوز بعدها الرفع إلا على وجه أذكره (١) ، وهو أن بعضهم يجوّز في جميع ما ذكرنا ونذكر ، أنه (٢) منتصب بفعل مقدر مفسّر بالظاهر : أن يرتفع بالفعل المقدر الذي هو لازم ذلك الفعل الظاهر ، قال السيرافي يجوز : هلا زيد قتلته ، بتقدير هلّا قتل زيد قتلته ، وروي الكوفيون.
لا تجزعي إن منفس أهلكته |
|
فإذا هلكت فعند ذلك فاجزعي (٣) ـ ٤٦ |
أي إن أهلك منفس أو إن هلك منفس ، فعلى هذا ، يقدر على مذهب المبرّد في بيت ذي الرمة :
١٥٥ ـ إذا ابن أبي موسى بلال بلغته |
|
فقام بفأس بين وصليك جازر (٤) |
على رواية رفع «ابن» أي : إذا بلغ ابن أبي موسى.
هذا ، والأولى مطابقة المفسّر في الرفع والنصب إذا أمكن ، قوله : «وحيث» ، حيث دالة على المجازاة في المكان ، كإذا في الزمان ، نحو : حيث زيدا تجده فأكرمه ، ولكن استعمالها استعمال كلمات الشرط أقل من استعمال «إذا» ، فإنها تدخل على الاسمية التي جزآها اسمان اتفاقا ، نحو : اجلس حيث زيد جالس ، أما إذا كسعت (٥) بما ، نحو : حيثما فهي وسائر الأسماء الجوازم المتضمنة معنى الشرط نحو متى وأينما ، لا يفصل بينها وبين الفعل إلا عند الضرورة قال :
١٥٦ ـ فمتى واغل يزرهم يحيّو (٥) وتعطف عليه كأس الساقي (٦)
وقال :
__________________
(١) يقصد أن النزاع في الرفع على الابتداء.
(٢) مفعول لقوله فيما ذكرنا ونذكر ، وأما مفعول يجوّز فقوله : أن يرتفع بالفعل الخ.
(٣) تقدم هذا البيت في باب الفاعل ص ٢٠٠ من هذا الجزء.
(٤) من قصيدة لذي الرمة في مدح بلال بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري. يقول فيها :
إلى ابن أبي موسى بلال طوت بنا |
|
قلاص أبوهن الجديل وعامر |
والجديل وعامر فحلان تنسب إليهما الإبل الجيدة. وقبل الشاهد :
أقول لها إذ شمّر الليل واستوت |
|
بها البيد واستبّت عليها الحرائر |
استبّت : اطردت وتوالت. الحرائر : جمع حرور ، الريح الحارة.
(٥) الكسع أن يضرب الإنسان على مؤخّره. وأراد بذلك : إذا جاءت «ما» بعد حيث ، لأنها تكون في مؤخرتها.
(٦) الواغل الذي يدخل على القوم في مجلس شرابهم من غير أن يدعى. وهو من شعر عدي بن زيد العبادي.