والفراء يردّ الساكن إلى أصل حركته ، لأنه لا يرى ، كما ذكرنا ، سكون الحرف الأخير في الترخيم ، فيقول : يا محمر بكسر الراء ، ويا مقر بسكون القاف وبفتح العين في مقرّ ، ولا يحذف الحرف الساكن كما في نحو خدبّ ، لأنه قادر على إزالة سكون الأخير بغير الحذف ، وذلك بأن يردّه إلى أصله ، ولم يمكن ذلك في خدبّ ، إذ لم يكن للساكن أصل في الحركة.
وما ذهب إليه الفراء من ردّ المدغم إلى أصل حركته قياس مذهب الجمهور في قولهم يا قاضي ويا أعلى في المسمّى بقاضون وأعلون ، إلا أن الفارسيّ فرق بينهما بأن للياء في قاضي أصلا في الثبوت في بعض المواضع نحو رأيت قاضيا ، وقاضية ، بخلاف الكسر في محمّر ، فإنه لم يثبت في موضع من المواضع.
ومنها نحو ثمود ، فإنه يجوز عند الجمهور جعل المحذوف منوي الثبوت بعد حدف الدال فقط ، فتقول : يا ثمو ، لأن الواو في التقدير ليس آخر كلمة ، ومنع الفراء من ذلك ، لأن الواو في الظاهر آخر الكلمة وقبلها ضمة ، وهذا كما قال في ترخيم هرقل على نية المحذوف إنه لا يجوز إبقاء الحرف الساكن لئلا يشبه الحرف ، قال فإذا قصدت جعل حرف (١) محذوف ثمود في حكم الثابت حذفت الواو أيضا ، بناء على مذهبه من تجويز : يا عم وياسع ويا عم في ترخيم عمود وسعيد وعماد ، كما مرّ.
وإذا جعل المرخم اسما برأسه ضمّ ما قبل المحذوف لفظا إن كان صحيحا أو في حكمه ، نحو : يا حار ، ويا مرو ويا قري ، في حارث ومروة وقرية ، وتقديرا إن كان ياء مكسورا ما قبلها ، أو ألفا ، نحو : يا قاضي ويا مشترا ، في قاضية ومشتراة.
وإن كان واو بعد ضمة كما في قلنسوة ، وثمود ، أبدلت الواو ياء والضمة كسرة ، نحو : يا قلنسي ويا ثمى ، وفي الكثيرة قلت يا ثمو ، ويا قلنسو ، لأنه لم يأت في كلام العرب اسم متمكن آخره واو قبلها ضمة إلا وتقلب الواو ياء والضمة كسرة ، نحو التغازي
__________________
(١) كلمة «حرف» لا لزوم لها والكلام بدونها مستقيم ومؤدّ إلى المقصود.