الأكثر ، لأن المعلوم من استقراء كلامهم أن المحذوف لعلة موجبة قياسية كما في عصا وقاض ؛ في حكم الثابت فلذا بقي ما قبل المحذوف من الحرف على حركته ، وأن المحذوف لا لعلة موجبة قياسية ، كأن لم تفن بالأمس (١) ، فلذا صار ما قبل المحذوف في نحو غد ، ويد ، ودم معتقب الاعراب ، وذلك لأنهم لو قصدوا كونه كالثابت لم يحذفوه لا لعلة موجبة.
لكن لما كان (٢) الترخيم لعلة قياسية مطردة قريبة من الإيجاب لطلبهم التخفيف في النداء بأقصى ما يمكن حتى فعلوا بالمضاف إلى ياء المتكلم الذي فيه أدنى ثقل ، لكونه في صورة المنقوص ، ما رأيت (٣) ، وفي نحو : يا زيد بن عمرو ، ما هو المشهور من فتح الضم ، وذلك لما قدمنا من أن النداء مع كثرته في الكلام ليس مقصودا بالذات ، بل هو لتنبيه المخاطب ليصغي إلى ما يجيء بعده من الكلام المنادى له ، فصار حذف الترخيم مطردا كالواجب فعومل المرخم في الأغلب معاملة نحو عصا وقاض مما الحذف فيه مطرد واجب.
ومن جعله اسما برأسه نظر إلى أنه ، وإن كان قياسيا مطردا لكنه ليس بواجب.
فإذا كان المحذوف منويّ الثبوت ، لم يغيّر ما بقي إلا في مواضع بعضها مختلف فيه وبعضها متفق عليه ، فمنها : اسم أزال الترخيم سبب حذف حرف لين منه ، قال الجمهور في نحو : أعلون ، وقاضون ، على هذه اللغة : يا أعلى ويا قاضي برجوع الألف والياء ، لأنه زال ، في اللفظ ، الساكن الأخير الذي حذفا له ؛ وقال المصنف ، ونعم ما قال ، لو قيل يا أعل ويا قاض في هذه اللغة ، لم يبعد ، لأن الساكن الأخير كالثابت لفظا.
ولا خلاف في ردّ الألف والياء في اللغة القليلة أي لغة الضم لزوال الساكنين لفظا وتقديرا.
ومنها اسم يبقى بعد المحذوف منه حرف أصلي السكون كان مدغما في ذلك المحذوف وقبله ألف ، نحو : أسحارّ (٤) ، بفتح الهمزة وكسرها والكسر أكثر ، وهو نبت ، فسيبويه
__________________
(١) أي يكون محذوفا نسيا منسيا. كما يعبر الرضى في مثله.
(٢) هذا تعليل لمخالفتهم ما كان يجب أن يكون هو القياس والأكثر.
(٣) من الأوجه السابقة في المنادى المضاف لياء المتكلم.
(٤) أسحارّ بكسر الهمزة ، ويؤنث بالتاء ، ونفتح الهمزة أيضا : بقلة تأكلها الدواب فتسمن.