قوله : «ويكون إما علما زائدا على ثلاثة أحرف» ، إنما اشترط العلمية في الترخيم لكثرة نداء العلم فناسبه التخفيف بالترخيم مع أنه لشهرته ، فيما (١) بقي منه دليل على ما ألقي.
وإنما اشترط في العلم زيادة على الثلاثة لأنهم كرهوا نقص الاسم نقصا قياسياّ مطردا عن أقل أبنية المعرب أي عن الثلاثي بلا علة ظاهرة موجبة ، بخلاف نحو : يد ، ودم فإن النقص فيه وإن كان بلا علة ، لكنه قليل غير قياسي ، والشذوذ لا يعبأ به ، وبخلاف نحو : عم وشج ، وعصا وإن كان قياسيا لكنّه لعلة ظاهرة ملجئة إلى الحذف.
فإن قلت : المنادى المرخم مبني ، والأسماء المبنية تكون على أقل من ثلاثة أحرف ، نحو : «ما» و «من».
قلت : البناء فيه عارض فهو في حكم المعرب ، وضمه مشبه للرفع على ما بيّنا قبل.
وإذا لم يكن موصوفا بالزيادة على الثلاثة ، فالشرط كونه بتاء تأنيث نحو : شاة وثبة ، فإنه يرخم وإن لم يكن علما ، ولا زائدا على الثلاثة ، وذلك لأن وضع التاء على الزوال وعدم اللزوم ، كما في باب ما لا ينصرف ، فيكفيه أدنى مقتض للسقوط ، فكيف إذا وقع موقعا يكثر فيه سقوط الحرف الأصلي ، أعني آخر المنادى.
وإنما لم يبال ببقاء نحو ثبة وشاة ، بعد الترخيم على حرفين لأن بقاءه كذلك ليس لأجل الترخيم بل مع التاء أيضا كان ناقصا عن ثلاثة ، إذ التاء كلمة أخرى لكنها امتزجت بما قبلها بحيث صارت معتقب الإعراب فالأمر فيه كما قيل في المثل : «قبل البكاء كنت عابسة» وقبل النعاس كنت مضمرة» (٢) ؛ ولو اعتبرنا سدّ التاء مسدّ لام الكلمة بكونه معتقب الإعراب ، قلنا : لما كان بناؤه على عدم اللزوم ، لم يكترث بما يصير إليه حال الكلمة بعده ،
__________________
(١) أي يكون في باقيه دليل على المحذوف.
(٢) أي أن حذف التاء من نحو ثبة لم يغير شيئا ولم يأت بجديد لأنه على حرفين مع التاء وبدونها ، وكل من العبارتين مثل يضرب للبخيل يعتذر بالاعدام وقلة ما عنده ، ونصها في مجمع الأمثال : قبل البكاء كان وجهك عابسا ؛ وقبل النعاس كنت مصفرّة ـ من الاصفرار.