وأما الثاني فإنه وإن كان ظاهر كلام سيبويه منع الحمل على موضع ما أضيف إليه اسما الفاعل والمفعول ، والصفة المشبهة والمصدر وإن جاء في الظاهر ما يوهم خلاف ذلك فهو يضمر له عاملا كقوله في ضارب زيد وعمرا ، إن التقدير ضارب زيد وضارب عمرا ، ولا يجيز في نحو حسن الوجه واليد ، الرفع في المعطوف كل ذلك كراهة لمخالفة التابع لظاهر إعراب المتبوع إلى المحل الخفي ؛ لكنه يشكل باتفاقهم على جواز العطف على محل اسم إن في نحو إن زيدا منطلق وعمرو ؛
وله أن يرتكب أن الجملة غير المؤكدة ، أعني عمرو مع خبره المقدر ، عطف على الجملة المؤكدة ، أعني : إن مع اسمه وخبره ولا نقول إن الاسم عطف على الاسم ، وكذا القول في نحو :
١١٩ ـ فان لم تجد من دون عدنان والدا |
|
ودون معدّ فلتزعك العواذل (١) |
وقوله
١٢٠ ـ معاوى إننا بشر فأسجح |
|
فلسنا بالجبال ولا الحديدا (٢) |
إن المنصوب عطف على الجار والمجرور.
قوله : «والتزموا رفع الرجل» ، كأنه جواب عن سؤال مقدر ، وهو أنه ، إذا كان صفة للمنادى المضموم ، فلم لم يجز فيه النصب كما في يا زيد الظريف.
__________________
(١) وهذا أيضا من شعر لبيد من قصيدة جيدة مشهورة تتضمن كثيرا من الحكم والمواعظ وهي التي أولها :
ألا تسألان المرء ما ذا يحاول |
|
أنحب فيقضي أم ضلال وباطل |
وقيل بيت الشاهد :
فقولا له ان كان يقسم أمره |
|
ألما يعظك الدهر أمك هابل |
إلى أن قال :
فان أنت لم تصدقك نفسك فانشب |
|
لعلك تهديك القرون الأوائل |
(٢) من شعر لعقيبة بن هبيرة الأسدي يخاطب معاوية بن أبي سفيان. ورواه بعضهم بالجر فلا شاهد فيه ، وصحح الزمخشري أن المنصوب من شعر آخر لعبد الله بن الزبير الأسدي والزبير بفتح الزاي وهو غير عبد الله بن الزبير بضمها ، وكلاهما خطاب لمعاوية.